مرحبًا بكم في حلقة اليوم، حيث نتعمق في واحدة من أكثر المناقشات السياسية إثارة للجدل في أستراليا: مسألة ما إذا كان ينبغي للبلاد أن تظل ملكية دستورية أو تتحول إلى جمهورية.
إنه نقاش يمس قلب الهوية الوطنية لأستراليا وتاريخها ومستقبلها. وبينما لا تزال أصداء ماضي أستراليا تحت الملكية البريطانية باقية، إلا أن السؤال يطرح نفسه: إلى متى؟
منذ متى حكم التاج البريطاني أستراليا؟
بدأت علاقة أستراليا بالملكية البريطانية عندما تم استعمارها في عام 1788، مما يمثل وصول المستوطنين البريطانيين إلى شواطئ نيو ساوث ويلز.
عاش السكان الأصليون على هذه الأرض قبل وصول المستعمرين لعشرات الآلاف من السنين، لكن الاستعمار البريطاني وضع القارة تحت حكم التاج البريطاني. ومنذ ذلك الحين، أصبحت البلاد رسميًا تحت حكم الملك البريطاني لفترة امتدت لمدة 236 عامًا!
ولكن دعونا الآن نسأل سؤالا مهما: هل الارتباط التاريخي بالتاج البريطاني يعني أن أستراليا أقل استقلالية؟ ليس بالضرورة.
LISTEN TO
الحاكم العام: حارس الديمقراطية الأسترالية أم حامل إرث الملكية؟
SBS Arabic
04/04/202407:32
في حين كان التاج البريطاني جزءًا من النسيج السياسي الأسترالي لأكثر من قرنين من الزمان، فإن تأثيره الفعلي على الحكم الحديث رمزي إلى حد كبير.
فقد حصلت أستراليا على استقلالها القانوني عن بريطانيا في عام 1942 بموجب the Statute of Westminster Adoption Act وعززت هذا الاستقلال بقانون أستراليا لعام 1986، الذي ألغى آخر مظاهر الإشراف القانوني البريطاني.
هل للملك البريطاني سلطة حقيقية في دستور أستراليا؟ الإجابة المختصرة هي لا، ليس في الممارسة العملية.
في حين أن أستراليا من الناحية النظرية ملكية دستورية، مما يعني أن الملك البريطاني لا يزال هو رئيس الدولة الرسمي، فإن دور الملك أو الملكة شرفي إلى حد كبير.
بموجب الدستور الأسترالي، يتم تمثيل الملك البريطاني من قبل الحاكم العام، الذي يقوم بواجبات مثل تعيين رئيس الوزراء وحل البرلمان وإعطاء الموافقة الملكية على التشريعات. ومع ذلك، تُمارس هذه الصلاحيات دائمًا تقريبًا وفقًا لنصيحة المسؤولين المنتخبين.
باختصار، هذا يعني أن دور ملك بريطانيا في أستراليا شكلي فقط، والحكم الفعلي للبلاد بالكامل في أيدي الأستراليين. وهذا يثير سؤالا: إذا لم يكن للملك سلطة حقيقية، فلماذا لا تصبح أستراليا جمهورية؟
ملكية دستورية
أستراليا تُحكم وفق نظام الملكية الدستورية منذ اتحادها في عام 1901، عندما اتحدت ست مستعمرات منفصلة لتشكيل كومنولث أستراليا.
وقد أصبح دور الملك البريطاني كرئيس للدولة دورا فخريا بشكل متزايد بمرور الوقت، وخاصة بعد صدور قانون أستراليا لعام 1986.
بحلول هذه المرحلة، كان من الواضح أن رئيس الدولة لم يعد لديه أي تأثير حقيقي على القرارات السياسية للبلاد.
هل سمعتم من قبل عن الحركة الجمهورية؟ ما هي وماذا تسعى إلى تحقيقه؟
تأسست الحركة الجمهورية الأسترالية أو the Republican Movement في تسعينيات القرن العشرين، وتدعو الحركة أستراليا إلى قطع علاقاتها بالملكية البريطانية وإنشاء منصب رئيس دولة أسترالي خاص بها والتحول إلى جمهورية.
اكتسبت الحركة زخمًا كبيرًا في استفتاء عام 1999، عندما سُئل الأستراليون عما إذا كانوا يريدون تحول بلادهم إلى جمهورية. فماذا كانت النتيجة؟
اختار 55٪ من الناخبين البقاء مع النظام الملكي ولهذا فشل الاستفتاء وبقي الوضع على ما هو عليه.
رحيل الملكة إليزابيث: شرارة لنقاش متجدد؟
أعاد رحيل الملكة إليزابيث الثانية في سبتمبر 2022 إشعال النقاش حول مستقبل أستراليا في ظل النظام الملكي البريطاني.
كانت للملكة إليزابيث علاقة فريدة وطويلة الأمد بأستراليا، حيث زارت البلاد 16 مرة خلال فترة حكمها. بالنسبة للعديد من الأستراليين، كانت الملكة شخصية محبوبة ترمز إلى الاستقرار والتقاليد.
ومع ذلك، أثارت وفاتها تساؤلات حول ما إذا كان ينبغي لأستراليا أن تستمر في نظامها الملكي الدستوري تحت حكم الملك تشارلز الثالث.
يزعم الجمهوريون أن الوقت الحالي، أكثر من أي وقت مضى، هو الوقت المناسب لإعادة النظر في هذه القضية.
Prince Charles, Prince of Wales and Camilla, Duchess of Cornwall walk on Broadbeach on April 5, 2018 in Gold Coast, Australia. The Prince of Wales and Duchess of Cornwall are on a seven-day tour of Australia, visiting Queensland and the Northern Territory. Credit: Mark Metcalfe/Getty Images
وفي أعقاب وفاتها، ألمحت شخصيات سياسية بارزة، بما في ذلك رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي، إلى إمكانية إجراء استفتاء آخر حول هذه القضية ولكنه لم يتخذ أية خطوات نحو ذلك.
كيف يبدو مستقبل أستراليا؟
يزعم أنصار الملكية أن النظام الحالي يعمل بشكل جيد ويوفر إطاراً مستقراً للحكم. ويشيرون إلى أن أستراليا مستقلة بالفعل بالمعنى العملي وأن تغيير النظام قد يسبب تعقيدات غير ضرورية.
من ناحية أخرى، يزعم الجمهوريون أن الوقت قد حان لأستراليا لتأكيد استقلالها بشكل كامل. ويقولون إن الجمهورية الأسترالية من شأنها أن تعكس القيم المتعددة الثقافات والتقدمية للبلاد بشكل أفضل من النظام المرتبط بالملكية البريطانية.
مع احتدام النقاش، هناك أمر واحد واضح وهو أن أستراليا تقف عند مفترق طرق.
لقد أوجد رحيل الملكة إليزابيث الثانية حافزًا لمناقشة متجددة، ولا يزال مستقبل النظام الملكي في أستراليا غير مؤكد.
فهل ستحتضن أستراليا فصلاً جديدًا كجمهورية، أم سيظل التاج رمزًا للتقاليد والاستمرارية؟ الوقت وحده هو الذي سيخبرنا.