أهلا بكم! سنستكشف في هذه الحلقة من بودكاست وراء الخبر العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم العربي. متى بدأ التدخل الأمريكي في المنطقة؟ ولماذا؟ وهل تختلف سياسات الديمقراطيين والجمهوريين تجاه العالم العربي حقاً؟ وكيف تؤثر الانتخابات الأمريكية على العالم العربي
سأحاول أنا دينا عبد المجيد الإجابة معكم على هذه الأسئلة.
متى بدأ التدخل الأمريكي في العالم العربي؟
لم تبدأ الولايات المتحدة في الانخراط في العالم العربي إلا بعد الحرب العالمية الثانية، مدفوعة إلى حد كبير بمصالحها النفطية وتصاعد الحرب الباردة والتحالفات الاستراتيجية خاصة مع إسرائيل.
أدركت الولايات المتحدة أن احتياطيات النفط الضخمة في الدول العربية تشكل مصدرًا رئيسيًا للطاقة ضروريًا لتغذية الاقتصاد الأمريكي وضمان النفوذ الاقتصادي للولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه، أدت الحرب الباردة إلى زيادة رغبة أمريكا في منع النفوذ السوفييتي من التوسع في الشرق الأوسط.
كما أدى تأسيس إسرائيل في عام 1948 إلى تعقيد العلاقات الأمريكية العربية، حيث سعت الولايات المتحدة إلى موازنة دعمها لإسرائيل مع الحاجة الأوسع للحفاظ على العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول العربية.
ما هي التحولات في السياسية الأمريكية تجاه العالم العربي؟
لقد شهدت السياسة الأمريكية تجاه العالم العربي تحولات كبيرة على مر العقود. في الخمسينيات من القرن العشرين، نفذ الرئيس أيزنهاور "مبدأ أيزنهاور"، الذي تعهد من خلاله بتقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية لدول الشرق الأوسط التي تقاوم المد الشيوعي.
وشهدت السبعينيات نقطة تحول مع حظر النفط العربي، في أعقاب دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حرب عام 1973. وسلط الحظر الضوء على نفوذ المنطقة على أسواق الطاقة العالمية، مؤكدًا أن النفط ليس مجرد سلعة اقتصادية بل مصلحة استراتيجية. وقد عزز هذا الإدراك أهمية وجود علاقات أمريكية عربية مستقرة.
أضطرت الولايات المتحدة إلى الانخراط في تدخل عسكري مباشر في حرب الخليج في عام 1990 في عهد الرئيس جورج دبليو بوش لمواجهة العدوان العراقي على الكويت والحفاظ على استقرار منطقة الخليج الغنية بالنفط.
شكل هذا التدخل تصعيداً كبيراً للتدخل العسكري الأمريكي في العالم العربي والذي بلغ ذروته في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مع حرب العراق في عهد الرئيس جورج دبليو بوش الابن.
كانت هجمات الحادي عشر من سبتمبر من اللحظات المهمة في العلاقات الأمريكية العربية. لقد وضعت الهجمات العالم العربي في بؤرة اهتمام صناع السياسات الأميركيين، مما أدى إلى الحرب على الإرهاب والانخراط العسكري الطويل الأمد في أفغانستان والعراق، بذريعة مكافحة الإرهاب وتعزيز الديمقراطية.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 يتساءل الكثيرون عن تأثير تلك الانتخابات على العالم العربي.
يرى عماد سلامة أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الأمريكية أن للانتخابات الأمريكة تأثير كبير على العالم العربي.
"ما يحدث في الولايات المتحدة خاصة على صعيد القيادة يؤثر على سياسات هذه الدولة القوية اقتصاديا وعسكريا تجاه العالم العربي بكل تأكيد."
"نتيجة الانتخابات تؤثر على مجرى الصراعات في المنطقة سواء بين إسرائيل والفلسطينيين أو فيما يتعلق بالعلاقات بين إيران والسعودية وبقية الدول الخليجية."
هل هناك اختلافات بين الديمقراطيين والجمهوريين في السياسات المتعلقة بالشرق الأوسط؟
في حين حافظ كل من الحزبين على ركائز أساسية للسياسة الأميركية في المنطقة خاصة دعم إسرائيل وضمان الوصول إلى النفط ومكافحة الإرهاب، يقول سلامة إن هناك بعض الاختلافات في سياسات الحزبين تجاه العالم العربي.
يقول سلامة: "بشكل عام الجمهوريين أكثر جنوحا لتأييد إسرائيل في أي عمل عسكري تقوم به في المنطقة وأقل تأييدا لحقوق الفلسطينيين. أيضا الجمهوريين بتقاربهم مع إسرائيل أكثر عدائية نحو إيران وأكثر قربا لدول الخليج خصوصا بعد إبرام اتفاقيات إبراهيم التي أدت إلى صلح بين الإمارات والبحرين من جهة وإسرائيل من جهة أخرى."
"الديمقراطيين أكثر قربا للقضية الفلسيطينية ويؤيدون حل الدولتين ويقتربون أكثر من نهج أوباما الذي يتقبل وجود تقاسم للنفود الإيراني والسعودي في إدراة ملفات الشرق الأوسط."
LISTEN TO
هل يحسم الناخبون المسلمون سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟ ميشيغان تجيب
SBS Arabic
01/11/202409:03
هل ينظر العالم العربي لجميع السياسيين الأمريكيين بتشكك؟
على مر التاريخ، اكتسب بعض السياسيين الأمريكيين الاحترام داخل العالم العربي لسياساتهم أو مناصرتهم. يُذكر الرئيس دوايت د. أيزنهاور لتعامله مع أزمة السويس عام 1956، حيث ضغط على بريطانيا وفرنسا وإسرائيل للانسحاب من مصر، واكتسب احترام العديد من القادة العرب لتمسكه بالقانون الدولي.
وبالمثل، اكتسب الرئيس جيمي كارتر التقدير لدوره في التوسط في اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 بين مصر وإسرائيل، وهي اتفاقية سلام اعتبرت تاريخية.
في السنوات الأخيرة، كانت محاولات أوباما لموازنة المصالح الأميركية مع وجهات النظر العربية، بما في ذلك خطابه في القاهرة عام 2009 الذي دعا فيه إلى "بداية جديدة" بين الولايات المتحدة والمسلمين في جميع أنحاء العالم، موضع إعجاب الكثيرين في العالم العربي.
هل جعل التدخل الأميركي العالم العربي مكانًا أفضل؟
إن تقييم تأثير التدخل الأميركي في العالم العربي أمر معقد.
فمن ناحية، عزز الدعم الأميركي النمو الاقتصادي والاستقرار في دول معينة، وخاصة دول الخليج الغنية بالنفط. ومن ناحية أخرى، يتهم البعض الولايات المتحدة بزرع فتيل التطرف في المنطقة من خلال دعم بعض الجماعات المتطرفة أثناء الحرب الباردة.
كما خلفت التدخلات في العراق وأفغانستان وليبيا من عدم الاستقرار، مما ساهم في تنامي العنف والنزوح وإضعاف هياكل تلك الدول.
وقد تعرضت حرب العراق، على وجه الخصوص، لانتقادات واسعة النطاق حيث يرى البعض أنها أدت إلى تفاقم عدم الاستقرار الإقليمي وساعدت على صعود الجماعات المتطرفة مثل داعش.
النهج الأمريكي تجاه العالم العربي يتشكل من مزيج من الدوافع الإيديولوجية والاستراتيجية والاقتصادية.
ورغم الاختلافات بين النهجين الديمقراطي والجمهوري، فقد أعطى الحزبان الأولوية للأمن الأمريكي والأهداف الاقتصادية للولايات المتحدة.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، تقترب الانتخابات الأمريكية التي يتنافس فيها المرشحان دونالد ترامب عن الجمهوريين وكمالا هاريس عن الديمقراطيين.
يحاول كلا المرشحان تقديم نفسيهما باعتبارهما سياسيين سيتحديان النفوذ الصيني ويدعمان السلام في عالم مثقل بالحروب.
ومع ذلك، فإن بعض الخبراء يرون أن استمرار إدارة بايدن في تسليح إسرائيل قد يؤثر على حظوظ الديمقراطيين في الانتخابات. يرى سلامة أن الوضع في الشرق الأوسط قد يؤثر على نتائج الانتخابات الأمريكية بشكل كبير.
"الحرب في غزة ولبنان تؤثر على خيارات الناخبين في الولايات المتحدة."
"الشباب بشكل عام والفئة الطلابية كان لها دور كبير في الحالة الاعتراضية ضد ما تقوم به إسرائيل. هؤلاء لن يصوتوا لشخص مثل ترامب بل في الأغلب ستذهب أصواتهم إلى كامالا هاريس."
"في المقابل هناك من يؤيد إسرائيل ويرغب في رئيس يصب كل تأييده لمصلحتها وهؤلاء في الأغلب ستذهب أصواتهم إلى ترامب."
وفي الوقت الذي يتحدث فيه الساسة الأمريكيون عن تعزيز السلام الإقليمي والعالمي، غالبًا ما يُنظَر إلى النفوذ الأميركي في العالم العربي بتشكك نظرًا لتحالف الولايات المتحدة مع إسرائيل وتدخلها العسكري في المنطقة.
ويبقى السؤال: هل ساعد التدخل الأمريكي في جعل العالم العربي مكانًا أفضل؟