استمعوا إلى قصة ميران حسني بالضغط على الرابط الصوتي المرفق بالصورة أعلاه.
أو عبر منصات البودكاست المفضلة لديكم هنا
"أنا لست مصرية كما يتوقع المصريون ولا أدرج تحت الثقافة الأسترالية البيضاء ولا أستطيع أن أقول ان ثقافتي العربية منسوبة لبلد عربي واحد."
ميران حسني محامية وكاتبة تعمل في سيدني المدينة المعروفة بتعدديتها الثقافية. ولدت في ملبورن وعاشت معظم سنين عمرها في أحياء تجمع بين مهاجرين قادمين من ثقافات عربية مختلفة، أثرت على لهجتها و تكوينها ومفهومها لهويتها العربية.تنحدر أصول ميران المصرية من مدينة الإسكندرية، وبالنسبة لها تذكرها التعددية الثقافية في سيدني بالحياة في الاسكندرية في فترة سابقة من الزمن اشتهرت فيها.
Miran Hosny Source: Supplied
"تعرف مدينة الاسكندرية بتعديتها الثقافية، كان يعيش فيها الكثير من اليونانيين والأوروبيين والعرب القادمين من بلدان مختلفة، لذلك أعتبرها ذات ثقافة متنوعة ومختلطة تشبه التي أعيشها في أستراليا."
"العيش في المدن المتنوعة ثقافيا سيؤثر بالتأكيد على طريقة كلامك وحياتك. عندما أتحدث مع غير المصريين، تتغير لهجتي تلقائيا وعفويا، لأتحدث كما يتحدثون."
يجب أن تكوني فخورة بتراثك المصري أكثر من ذلك، لو كنت مصرية لماذا لا تتحدثين باللهجة المصرية؟
"هذا ما قالته لي احدى قريباتي عندما سمعتني أتحدث بالعربية على الراديو، بغض النظر عن عدد المرات التي أشدد فيها على أن لغتي العربية نادراً ما تكون خيارًا واعيا ومدروسًا."
"كعربية في استراليا من الطبيعي أن تكون هويتي ملونة بثقافات عربية أخرى، وذلك بسبب خبرتي العملية أيضا، من علاقتي بعرب غير مصريين والمدارس التي درست فيها ومعلميّ العرب."
استمع لمقتطفات من بودكاست الهوية
My Arab Identity بودكاست الهوية
وتشعر ميران كواحدة من أبناء الجيل الأول ومن أقلية عرقية ودينية في استراليا، أن تجربتها تشابه الكثير من تجارب العديد من أبناء المهاجرين العرب من الجيل الثاني والثالث الذين كبروا وهم يعيشون في "أزمة الهوية المختلطة".
"كان عليّ أن أفهم وأعيش تداعيات أن أكون فتاة سمراء ومسلمة ومصرية أسترالية، أتحدث العربية بلهجة غير عادية وأعيش في بلد مبني على العنصرية المؤسساتية. بالنسبة لي، أعيش تجربة واقعية قد لا يستطيع أن يفهمها سوى من عاش مثلها."
لا يهم الى أي ثقافة ننتمي، سواء كنا مصريين، جزائريين، فلسطينيين أو لبنانيين كلنا نواجه تحديات متشابهة في تكوين هويتنا كعرب ولدنا في أستراليا وليس في الشرق الأوسط.
قد لا تكون تجربة ميران مألوفة بالنسبة لبعض الأجيال الأقدم من الأستراليين العرب، لأن هويتهم قد تشكلت في أوطانهم قبل الهجرة، وعندما قرروا الهجرة، قاموا بإدخال اللغة الانجليزية عليها وبعض من قوانين وأنظمة أستراليا على حياتهم للاندماج في المجتمع الأوسع. وقد لا يتقبلها بعض من العرب الذين هاجروا حديثًا الى أستراليا أيضا، الذين يحاولون أن يؤثروا على هوية أبنائهم العربية من ناحية اللغة واللهجة والتاريخ والعادات والتقاليد والانتماء للوطن الأم خوفا من ضياعها، خصوصا بعد أن اتخذوا قرار الهجرة الى أستراليا."هم يعتقدون ان عملوا وعمل أبناؤهم بجد أكثر من الأستراليين البيض، وتحدثوا الإنجليزية بشكل أفضل من الأستراليين البيض خارج المنزل، وأتقن أطفالهم الحديث بلهجتهم الأم في المنزل ومع العرب الآخرين، فلن يكون هناك أي عذر في ألا يكونوا عائلة نموذجية مثالية للمواطن العربي الأسترالي في المهجر."
Miran Hosny Source: Supplied
"وانا أعتقد أن هذا غير صحيح بحكم تجاربنا الواقعية خلال نشأتنا في أستراليا. لأنه ومع كل المحاولات التي نقوم بها لتحقيق توقعات أهلنا، ما زلنا نواجه انتقادات حول لغتنا العربية المختلطة والمكسرة التي نتحدث بها وأخرى تقوض تجربتنا الواقعية وممارساتنا الشخصية ومحاولتنا للتوفيق بين هوياتنا بطريقة عملية وصحية قدر الإمكان، لتتناسب مع اندماجنا في مجتمعنا العربي والأسترالي الأوسع."
ومن المعروف أن اللغة والثقافة ترتبطان ببعضهما بشكل جوهري، وبالنسبة لميران، فإنها ترعرعت في أحياء عربية عريقة في غرب مدينة سيدني، وكانت تتحدث العربية فقط في المنزل تطبيقا لقواعد الحديث التي فرضها والداها عليها وعلى اخوتها في المنزل.
"كانت طفولتي ونشأتي متنوعة حقا. كان مجتمع عائلتي مكون من معارف وأصدقاء يتحدرون من خلفيات عرقية مختلفة وزيجات مختلطة. وفي المدرسة كنت عادة من الأقلية المصرية - معظم العرب الذين كنت وما زلت أعرفهم يتحدرون من خلفيات بلاد الشام أو العراق بدلاً من الخلفيات المصرية أو شمال إفريقيا. ولا يزال هذا هو الحال الآن في عملي أيضًا."
"لهجتي العربية وانفتاحي على اللهجات الأخرى ساعدني جدا في التحدث مع عملائي أو معارفهم باللهجة التي يشعرون براحة أكبر عند التحدث بها.""كان أهم ما أدركته أنه على الرغم من أننا نتحدث جميعًا اللغة العربية، فإن الكلمات العادية والمهذبة بالنسبة لي في اللهجة المصرية يمكن أن تكون مسيئة بلهجة عربية مختلفة والعكس صحيح، أو قد تعني شيئًا مختلفًا تمامًا.
Miran Hosny Source: Supplied
ولكن، هل يعد ادراك ميران لاختلاف استخدام الكلمات العربية في شتى اللهجات العربية في أستراليا موهبة أم نقمة؟
بعيدا عن انتقادات لهجتها المصرية، كانت تواجه ردود أفعال طريفة يحاول فيها بعض الأشخاص تخمين البلد العربي الذي تنحدر منه ميران.
"عندما يحاول المصريون الذين هاجروا حديثًا الى أستراليا أن يخمنوا من أين أنا، عادة ما يفترضون أنني أحاول تحدث اللهجة المصرية من أجل أن يفهموني، لذلك يتعاطفون معي ويقولون لي "كم هو جميل أن تحاولي التحدث مثلنا، ولكن من أين أنت حقًا؟"
محادثات اعتبرتها ميران "مسلية ومربكة بعض الشيء."
على الرغم من شعور ميران بالإرهاق بسبب الانتقادات المستمرة الموجه اليها، ما زالت تتفهم السبب وراء هذه الانتقادات.
أستطيع أن أتخيل مدى أهمية اللهجات عندما يكون هناك أكثر من عشرين طريقة مختلفة للتحدث بالعربية، لهجاتنا تحمل ثقافتنا وتاريخنا وتسرد قصة تكوين مجتمعاتنا العربية المختلفة.
ولكن، قد لا يكون هذا الوضع المثالي بالنسبة لبعض المصريين الذين يودون أن يتعلم أبناؤهم اللهجة المصرية ويتحدثون بها فقط عندما يتحدثون العربية، ولكن، بالنسبة لميران ساهم تعلمها للهجات عربية أخرى واختلاطها مع أصدقاء وعائلات عربية متنوعة في تواصلها مع عملائها في العمل عندما كبرت، وفي خلق صلة وصل متينة مع الجالية العربية في أستراليا وتمسكها بهويتها العربية ولانتمائها للعروبة في أستراليا.
"أعتقد أنه عندما يسمعني المصريون الأكبر سناً أو المصريون المهاجرون حديثًا أتحدث العربية بكلماتي وتعبيراتي المختلطة، أكون مثالا حيا لا مفر منه عن ما قد ما يواجه أبناؤهم. فبقدر ما يحاولون إحضار وطنهم وثقافة وطنهم إلى أستراليا، ومحاولة الحفاظ عليها من حولهم من خلال أطفالهم، لن يكون الأمر بأصالة تجربتهم في الوطن."
بالنسبة للمصريين، أتصور أن التعامل مع هذا الواقع قد يكون مخيفًا. فحقيقة أن أبناءهم سيكونون نسخا مختلفة تماما عنهم تجسد معنى مختلفا عن ماهية المصري الحقيقي.
وتقول ميران إنها تنتمي الى فئة "الأستراليين-العرب-الآخرين" الواسعة لأنه وبحسب خبرتها، هذه الفئة الوحيدة التي تشعر أنها قادرة على احتضان شخصيتها الثقافية، المليئة بالكلمات المستعارة من لهجات مختلفة والكلمات الهجينة العربية-الإنجليزية.
"اغسيلنج المواعين "e8seling the maw3een" و أنشرنج الغسيل "nasharing the 8aseel" .""ثقافتي العربية الأسترالية ملمة بأصول إعداد الملوخية المصرية، والاستمتاع بمذاق الحلويات اللبنانية المصنوعة بماء الورد، والحلويات اللوزية الجزائرية، وطبخة المسخن الفلسطينية."
Miran Hosny Source: Supplied
"أحب ترديد وسماع الأغاني اللبنانية والفلسطينية والأردنية والمصرية. والعيش في روايات مسرح غرب سيدني العربي الأسترالي. وقراءة المساهمات الأكاديمية للمثقفين العرب الأستراليين مثل آن منصور، غسان الحاج، ورندة عبد الفتاح، وعظماء سابقين مثل إدوارد سعيد الذي وضع أسسًا لاستكشاف الازدواجية في الهوية."
بالنسبة لميران ليس هناك تعريفًا واحدًا للهوية العربية الاسترالية، لأن هناك ثقافات متنوعة وأعراق ولهجات وديانات مختلفة تغذي العروبة، هذا يعني أنه من شأن هذه الاختلافات أن تعزز من إرث الهوية المختلطة للشباب العربي الأسترالي.
اقرأ المزيد
بودكاست الهوية - My Arab Identity
"أشعر بالكثير من المودة لنكهة العروبة الفريدة التي أنشأناها في مجتمعنا هنا؛ إنها هوية وثقافة خاصة بالعرب في أستراليا، وهذا شيء نعتز به. آمل أن يجد المزيد من الأشخاص في مجتمعنا مع مرور الوقت، تقاربًا في الثقافة العربية الأسترالية، ويساعدوننا في توسيعها مع كل تجربة أو تكيف أو تهجين خاص بهم."
في كل مرة تسمع فيها ميران قصة جديدة عن الهوية العربية الأسترالية تشعر وكأن القصة تساهم في إضافة قطعة جديدة لنسيج يحيكه الجيل العربي الأسترالي الأصغر، ليعكس صورة عن تاريخ خاص بهم وبخبراتهم في أستراليا.
"بقدر حبي للثقافة المصرية وفخري بها، لا أستطيع أن أقول ان هويتي العربية منسوبة اليها فقط، أنا خليط من ثقافات عربية متنوعة."
هذه الحلقة السادسة من بودكاست الهوية - My Arab Identity، الذي يحكي فيه شباب عرب أستراليون كيف يتعاملون مع التحديات التي تواجههم كحاملين لهوية مختلطة - عربية غربية. يمكنكم سماع باقي القصص وقراءتها .