من يزور توومبا، لا يستطيع الا وان يزور متاجر "Hannas" في وسط السوق التجاري وصورة لبيبة ونورمان تستقبل الزبائن على مدخل المتجر مع ارزة لبنان التي تتصدره.
النقاط الرئيسية:
- هاجرت عائلتا حنا وستيفنز منذ أكثر من 100 عام إلى بلدة توومبا لتصبحا جزءًا أساسيًا من نسيج المجتمع هناك
- تحولت الشاحنة المتجولة لبيع الخضار، فالأقمشة الى أهم متاجر توومبا في منتصف الخمسينيات وحتى اليوم والمعروف باسم "Hannas"
- تحتفل عائلة ستيفنز بستة اجيال و100 فرد من العائلة في استراليا وقد مشى الجد مايكل على قدميه مع شقيقته من سيدني الى توومبا في رحلة استغرقت 6 أشهر عام 1895
لم يولد نورمان في استراليا، ولكنه لم يدرك يومًا انه سيرقد فيها بسلام مع رفيقة الدرب لبيبة عن عمر يناهز 83 عامًا من العمل الشاق والراحة الخجولة. بدأت القصة من مخاض الحرب العالمية الأولى وتبعاتها، فالحرب لا تقتل الانسان والاوطان دفعة واحدة انما على مراحل. فالتوق الى حياة افضل ترجم رحيلَا عن وطن أم عام 1939 ووجهة السفر نحو المجهول على متن الباخرة ستنتهي بعائلة حنّا في توومبا مع لبيبة ونعيم حنّا في رحلة لن تستغرق أربعة أشهر وحسب للوصول الى استراليا انما سوف تستغرق عمرًا بأكمله مع ستة أجيال حتى الآن في ارض باتت وطنًا جديدًا.تركت عائلة ستيفن بلدة كفرصغاب التي تقع على الجهة الشمالية لوادي قاديشا في شمال لبنان في اواخر القرن التاسع عشر هربًا من المجاعة، أما عائلة حنّا فهاجرت في مطلع القرن العشرين هربًا من فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى القاسية للاستقرار في تومومبا الريفية وهي مدينة في منطقة دارلينج داونز في جنوب كوينزلاند. استقر الزوجان نورمان ولبيبة حنّا في بادئ الأمر في مدينة جونديويندي مع مولودهما البكر جوزيف الذي كان يبلغ من العمر ثلاثة أشهر، في ضيافة شقيق نورمان جميل. مكثا هناك لمدة ستة أشهر للتأقلم وتعلم اللغة الإنكليزية. انتقل العائلة الصغيرة إلى Toowomba لبدء رحلة استقرارها وكانت بانتظارها هناك جالية لبنانية كبيرة.رزق نورمان ولبيبة بعشرة أطفال، ستة أولاد وأربع فتيات فتعاضد كل افراد العائلة كما الأحفاد الأكبر في بيع الفاكهة على العربة المتجولة، اذ كان عمل الباعة المتجولين في ذلك الوقت شاقًا ولكن بدعم من لبيبة والعائلة المتنامية، كان أداء نورمان جيدًا وبدأ في بيع الملابس له. ومع ذلك، كان يعلم أن هناك أيضًا سوقًا خارج توومبا وأن هناك باعة متجولين يسافرون على نطاق واسع عبر جنوب كوينزلاند.
Norman and Lavina Hanna with their 10 children in Towoomba Source: John Hanna
John Hanna and Colin Stephens on the Sleba farm in Towoomba with journalist Petra Taok. Source: Petra Taok
تحدث الابن جون عن هجرة والديه فقال:
"أتى والدي عن طريق قناة السويس الى بيرث، من ثم الى سيدني وكان أخي جو يبلغ من العمر ثلاثة أشهر".
بدأ نورمان عمله كبائع على عربة الخضار اذ يروي الابن جون قائلاً:
"عمل والدي في بادئ الأمر على عربة لبيع الخضار وتحولت لاحقًا الى عربة أقمشة وملبوسات الى أن وصلنا الى ما عليه اليوم "، وتابع قائلًا:
"كانت والدتي تزرع الخضار والفستق لوالدي ليبيعها على عربته وعملا بجهد كبير"،
كان يتجول في شاحنته كبائع واقترح عليه قريبه في سيدني أن يفتتح متجرًا في توومبا
من عربة حصان الى أهم المتاجر
عندما يزور أي بائع متجر "Hannas" في وسط السوق التجاري في توومبا، تستوقفه صورة لبيبة ونورمان التي تستقبل الزبائن على مدخل المتجر مع ارزة لبنان التي تتصدره كما وصورة اللاعب جوناثان ثورستون في المتجر وهو يرتدي قميص مدرسة سانت ماري برعاية متاجر "هانا".ومن عربة الحصان التي كان يتنقل عليها نورمان لبيع الخضار بمساعدة زوجته الى شاحنة اشتراها من عائلة ستيفنز او اسطفان في ديربي. تحولت شاحنة ستائر هانا الحمراء رمزًا في جميع أنحاء توومبا والمناطق المحيطة بها ومتجرًا متجولًا للأقمشة والملبوسات. بالرغم من أن نورمان كان غريبًا عن اللغة والثقافة الأسترالية، الا انه سرعان ما طور وبسرعة صداقات طويلة الأمد مع عملائه من خلال شخصية حقيقية ومحبوبة. وفي منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، افتتح نورمان متجره الأول وبدأ ولداه جو وجون في العمل معه، وعندما أنهى كل واحد من أشقائهم الثمانية دراستهم، انضموا أيضًا إلى المتجر.
The Hannas renowned store in Towoomba launched in 1950 Source: Hanna family, Petra Taok
كان منزل نورمان وليبية أسعد في جيمس ستريت قلبًا أكثر من مكانًا ووجهة ترحيب للعديد من الزوار، ولا سيما الأسرة الممتدة من بريسبان ونيو ساوث ويلز وملاذًا على مر السنين يوثق ذكريات دافئة.أسدلت الستارة عن حياة نورمان المكللة بالجد والعطاء، فأغمض عينيه عام 1998 وسرعان ما لحقت به رفيقة الوطن والغربة لبيبة عام 2000 وكانت حياتهما تكريسًا للعمل والعائلة وقيم الوطن، وبفعلهما ذلك ، احتضنوا أفضل ما في الحياة الأسترالية دون أن يفقدوا الاتصال بجذورهم وتراث لغتهم.
Norman and Lavina in the kitchen in James Street along with their famous store Source: Hanna family, Petra Taok
زار الابن جون مسقط رأسه كفرصغاب خمس مرات هو الذي الذي تشرب حب لبنان عن والديه ويحمل في قلبه هوية وامانة ينقلها بدوره من جيل الى جيل. يشعر انه لبناني أبًا عن جد رغم ولادته ونشأته في استراليا ويتذوق الأطباق اللبنانية وبشكل خاص "الكبّة".
من عائلة اسطفان او شمشون الى ستيفنز
لعائلة ستيفنز قصتها وتحدياتها الخاصة ايضًا في إحدى أقدم رحلة هجرة واستقرار في توومبا. يقول البعض أن عائلة ستيفنز تعود في الأصل الى عائلة اسطفان شمشوم والتي تركت بدورها كفرصغاب منذ أكثر من مئة عام. تحدث العم كولن الابن الثالث لفينس وراتشل ستيفنز وروى لنا كيف هاجر جده مخايل او مايكل الى أستراليا بعد أن خسر أهله واخواته بسبب المجاعة في الحرب العالمية الأولى اذ يقول:
هاجر جدي مايكل الى استراليا عام 1895 وعمل فيها حتى العام 1907 ليعود الى كفرصغاب ليتزوج سوزان ويعود الى استراليا عام 1910
وتابع راويًا:
"بدأت قصتي مع والدتي الابنة البكر لمايكل وسوزان والتي ولدت في 28 أيلول 1911"،
"أما والدي فقد ولد في لبنان عام 1907 وللأسف كل ما نعرفه عن تاريخه هو انه فقد أهله واقاربه بسبب المجاعة في الحرب العالمية الأولى فأتى به عمّ ه الى استراليا عام 1921"
أثمر حب مايكل وسوزان ستة أطفال، وأربعين حفيدًا وتحتفل عائلة ستيفنز بالجيل السادس لها في توومبا، فيما يتوّج زواج كولن حتى اليوم ب64 سنة من الحب، 12 طفلًا و7 احفاد وبمشاعر الامتنان يقول كولن:
نحتفل بستة أجيال و100 فرد من عائلة ستيفنز في استراليا
The Stevens of Towoomba marking a centenary of immigration from North Lebanon Source: Colin Stevens
مشى جدي وشقيقته من سيدني في رحلة استغرقت 6 أشهر وكي لا يضيعان في الطريق، مشيا الى جانب سكة الحديد وفي يديهما ورقة مكتوب عليه اسم البلدة التي سيستقران فيها
ولأن شعار العائلة كان الخدمة، نجح مايكل وسوزان في كل عمل بادرا فيه وفي كل متجر افتتحاه:
"والدي كان أميًّا ولكن والدتي كانت متعلمة، فتعاونا في كل عمل او متجر اسساه وكان شعارهما الخدمة وتركا بصمة في توومبا"يكشف العم كولن المولود في استراليا عن تعلقه بلبنان رغم أنه لم يتمكن يومًا من زيارته فيقول:
Collin Stevens speaking to journalist Petra Taok,SBS Arabic24 Source: Petra Taok
"انا لبناني استرالي، وكان والداي لا يتكلمان العربية في المتجر فهذا امر غي لائق للزبائن"
ومن قصة نجاح كتبت بالتعب والدموع في غربة سوف تصير وطنًا، ماذا سيقدم العمّان جون وكولن نصيحتهما للمهاجرين؟
استمعوا إلى المقابلة مع في الملف الصوتي المرفق بالصورة أعلاه.
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على