العاصمة السورية التي شهدت تحولات كبرى على مدار السنوات الماضية، يناقش فيه ضيفنا رؤيته حول الأحداث التي مرت بها سوريا، وتقييمه لمستقبل البلاد في ظل الظروف الحالية.
لحظة سقوط النظام: مفاجأة أم متوقعة؟
يبدأ ضيفنا حديثه بالتعليق على لحظة سقوط النظام، حيث أشار إلى أنها كانت مفاجئة بالنسبة له على الرغم من أن الأوضاع كانت تشير إلى تدهور مستمر للنظام. تحدث عن قلقه من الأوضاع الاقتصادية المتردية، حيث كانت الرواتب لا تتجاوز 30 دولارًا شهريًا، في وقت كانت تكلفة المعيشة تحتاج إلى ما لا يقل عن 200 دولار. هذه الظروف، إضافة إلى القمع الشديد والظلم الاجتماعي، جعلت الناس في حالة من الغضب والتذمر، ما دفعهم إلى التحرك والمطالبة بالتغيير.
النظام السوري قبل السقوط: استبداد لا حدود له
عند الحديث عن تقييمه للنظام قبل سقوطه، لم يخفِ ضيفنا استيائه من الطريقة التي حكم بها بشار الأسد سوريا طيلة سنوات طويلة. وصف النظام بأنه "استبدادي" ومبني على الترهيب والقوة، مشيرًا إلى أن السجون السورية كانت مليئة بالمعتقلين السياسيين، وأن العديد من السجون السرية لا يزال يصعب فتحها حتى عبر تقنيات متطورة تبحث عنها الجهات المختصة. وأضاف: "كان الشعب يعيش في مزرعة، وليس في دولة. كنا نعيش تحت القمع، حيث تم التضييق على الحريات والمعتقدات."
أشار إلى أنه رغم دعوات النظام للتضامن مع القضية الفلسطينية والحديث عن "محور المقاومة"، كان الواقع مختلفًا تمامًا، حيث كانت السلطة تلاحق المعارضين وتخفيهم في السجون.
An arial view shows central Damascus' Umayyad Square as Syrians display the revolutionary flag to celebrate on the second day of the insurgents' takeover of the city in Damascus, Syria, on Monday, Dec. 9, 2024. (AP Photo/Ghaith Alsayed) Source: AP / Ghaith Alsayed/AP
الفصائل المسلحة: دورها في بناء الدولة
عند سؤاله عن دور الفصائل المسلحة بعد سقوط النظام، عبر ضيفنا عن قلقه من الفوضى التي قد تعم البلاد نتيجة لتعدد هذه الفصائل وتدخلات أطراف خارجية. أشار إلى أن الأمل كان قائمًا في حدوث انتقال سلمي للسلطة، لكن النظام أصر على التصعيد العسكري. ورغم هذه المخاوف، أكد ضيفنا أن "الهدف هو بناء دولة مدنية ديمقراطية"، حيث يجب أن تكون هذه المرحلة مرحلة بناء مؤسسات وطنية، بعيدًا عن التقسيمات الطائفية أو الأيديولوجيات المتطرفة.
الفوضى في الشوارع: كيف يمكن تداركها؟
وفيما يتعلق بالفوضى التي عمت الشوارع السورية بعد سقوط النظام، وصف ضيفنا الوضع بالمعقد. فقد ظهرت بعض مظاهر التخريب والنهب من قبل بعض العناصر التي استفادت من غياب الأمن، لكن في الوقت نفسه، أكد أن معظم الشعب السوري ظل ملتزمًا بالقيم الإنسانية والاحترام المتبادل. كما أضاف أنه في ظل هذه الفوضى، يجب العمل على تأسيس دستور جديد يضمن سيادة القانون ويعيد بناء المؤسسات الأمنية والاقتصادية التي دمرها النظام.
وأشار إلى ضرورة تدخل الدول الكبرى والدول العربية في مرحلة إعادة الإعمار، خاصةً في ظل الوضع المعقد الذي تشهده البلاد حاليًا.
LISTEN TO
في SBS Examines: عدم توظيف المهاجرين في الوظائف المناسبة يكلف الاقتصاد الأسترالي مليارات الدولارات
SBS Arabic
06/11/202406:18
إعادة بناء سوريا: التحديات والأولويات
عن كيفية إعادة بناء سوريا بعد سنوات من الاستبداد والحرب، يرى ضيفنا أن ذلك لن يكون أمرًا سهلاً أو سريعًا. ويضيف: "سنحتاج إلى وقت طويل لإعادة بناء الدولة. لقد حكمنا تحت استبداد كامل لمدة 54 عامًا، وكان القرار بيد شخص واحد وحاشيته. لا يمكننا بناء دولة ديمقراطية بين ليلة وضحاها، لكننا نحتاج إلى دعم حقيقي من المجتمع الدولي ومن الدول التي يمكنها المساعدة في إعادة إعمار سوريا."
ويؤكد أنه في المرحلة الحالية يجب أن يكون التركيز على إعادة الأمن والاستقرار، وإعادة بناء المؤسسات السياسية والاقتصادية على أسس صحيحة. كما يرى أن المطلوب الآن هو إعلان دستوري وحكومة وطنية مؤقتة تضع الأسس لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، بعيدًا عن التدخلات العسكرية أو الأيديولوجية.
الحل السياسي في سوريا: رؤية للمستقبل
وفيما يتعلق بكيفية توصل الأطراف السورية إلى حل سياسي شامل، تحدث ضيفنا عن دور المعارضة الداخلية التي عانت من الضغوط الهائلة في ظل نظام قمعي. ورغم محاولات بعض القوى الخارجية تحويل الثورة السورية إلى صراع مسلح بأيديولوجيات متعددة، يظل الأمل في الوصول إلى حل سلمي شامل. ولكن، كما يرى ضيفنا، الطريق نحو ذلك سيكون صعبًا، خاصة في ظل الفوضى القائمة.
وشدد على ضرورة توحيد القوى السياسية تحت مظلة وطنية جامعة، بعيدًا عن الانقسامات والتوجهات الطائفية، لبناء دولة مدنية ديمقراطية تستوعب كافة أطياف الشعب السوري.
يبقى الأمل في أن سوريا ستتمكن من النهوض مجددًا بعد سنوات من المعاناة والصراعات. ومع سقوط النظام، أصبح من الضروري العمل على إعادة بناء البلد، وبناء مؤسسات سياسية واقتصادية تضمن حقوق الجميع. يظل الطريق طويلًا وصعبًا، لكن يبقى الأمل في أن صوت المعارضة والشعب السوري سينتصر في نهاية المطاف، وأن سوريا ستستعيد مكانتها كدولة ديمقراطية ومستقرة.
تحت شعار "دولة مدنية ديمقراطية"، يتطلع السوريون إلى مستقبل أفضل، بعيدًا عن الاستبداد والفوضى.