النقاط الرئيسية:
- العلاقات الرومانسية بين المراهقين غير مقبولة على الأغلب في الوقت الذي ارتفع فيه عمر الزواج لدى الرجال والنساء على السواء
- التركيز على الحب في التعبير الثقافي العربي يكشف عن الندرة وليس الوفرة
- الحب في المجتمعات العربية هو "مسألة عائلية"
"هل سبق ووقعت في الحب؟" سألت لجين ذات الستة عشر عامًا التي كانت تجلس بجانب والدتها ليلى (اسم مستعار) مرتدية كنزة رمادية وحجابا بنيا.
ردت وهي تضحك بخجل وتهز رأسها: "ما زلت صغيرة. في المستقبل ليس الآن".
"في الجامعة. لا أعرف. عندما أتزوج." هكذا أجابت وأصابعها مستندة على ذقنها عندما سألتها متى تعتقد أنها ستكون كبيرة بما يكفي للوقوع في الحب.
أوضحت لجين كيف أنها هي وأصدقاؤها "طبيعيون جدًا" وأكثر تركيزًا على الدراسة وقضاء الوقت مع الأصدقاء.
وأضافت بابتسامة خجولة: "نحن لا نفعل أي شيء حيال هذه الأشياء".
Credit: Mayur Gala/ Unsplash
يرى مايكل أوجيا مؤلف أنه على الرغم من أن الحب يُنظر إليه أحيانًا على أنه اختراع غربي حديث إلا أن الأدب العربي واللغة والموسيقى والتاريخ يعجون بالتعبير عن .
ومع ذلك يبقى الحب في المجتمعات العربية هو الفيل الذي في الغرفة: يعلم الجميع بوجوده لكن لا أحد يعرف ماذا يفعل حياله.
العلاقات الرومانسية بين المراهقين غير مقبولة على الأغلب في الوقت الذي ارتفع فيه عمر الزواج لدى الرجال والنساء على السواء بسبب السنوات الأطول التي يقضونها في الدراسة وتأسيس مستقبل مهني.
يقول الصحفي إنه في الموسيقى العربية - سواء كانت حديثة أو تقليدية - يبدو أن الحب "هو الموضوع الوحيد".
ولكن في أي عمر وفي أي سياق يُسمح للفتيات العربيات بتذوق طعم الإكسير السحري الذي تغنى به المطربون لقرون؟
والدة لجين، ليلى، نزحت من مسقط رأسها في العراق عندما كانت مراهقة. لم تستطع ليلى مواصلة دراستها وانتهى بها الأمر بالزواج في سن السابعة عشر.
لكنها تقول إن لجين التي نشأت في سيدني تخبرها أنها لن تتزوج في ذلك السن المبكر أبدًا.
"لجين لا تريد حتى معرفة ما إذا تقدم لها شخص ما. تقول ليس قبل أن أنتهي من دراستي الجامعية".
لم يكن الوقوع في الحب أمرا سهلاً أبدا على العشاق العرب: بداية من الذي فقد عقله لأن والد حبيبته رفض تزويجها له إلى الشعراء الذين اضطروا إلى خوض مغامرات ليلية محفوفة بالمخاطر لمقابلة حبيباتهم دون علم عائلاتهن.
شعور الحب نفسه ليس غريباً على الأطفال العرب الذين يبدأون مثل نظرائهم في الحديث عن "الإعجاب" في وقت مبكر. لكن الجميع يعلم أن هناك "حدودًا" يجب الحفاظ عليها.
ليلى التي تصف نفسها بأنها "منفتحة" تقول إنه إذا عبرت لجين عن حبها لشخص ما فسوف تكون سعيدة بمقابلته. لكنها تعتقد أن كل شيء يجب أن يكون له "حدود مناسبة".
"ليس لأنها تحب شخصًا ما يمكنها التحدث معه والخروج معه. قد يكون هذا أمرًا طبيعيًا للآخرين لكنه ليس كذلك لدينا."
"في مجتمعنا هذه القضايا هي خطوط حمراء."
" قد يعكس هذا العدد الكبير من الأغاني العاطفية الحواجز الاجتماعية التي تفصل بين الجنسين فضلاً عن عدم التمكين وعدم القدرة على الاختيار الذي يشعر بها العديد من الشباب في حياتهم العاطفية."
بحسب خالد فإن الكثير من أغاني الحب العربية "ميلودرامية" وتتناول مواضيع مثل عذاب الرومانسية والمسافات الكبيرة التي تفصل بين العشاق والشوق اليائس والألم والأحلام الضائعة.
وليس الشعر بأقل دراماتيكية.
"بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ
لَم أَغشَ مَغناكِ إِلّا في غُضونِ كِرىً مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ"
في قصيدته الشهيرة "نهج البردة" وصف الشاعر أحمد شوقي الحدود المادية والثقافية.
بعد مائة عام وعلى بعد أكثر من 10 آلاف كيلومتر من العالم العربي لا تزال الفتيات المراهقات العربيات وعائلاتهن في أستراليا يتحدثن عن تلك الحدود.
لكن ما هو مصدر تلك الحدود؟
يارا سمير الطبيبة الاستشارية للصحة النفسية للأطفال
لكن لا يعتقد الجميع أنه يجب إبعاد العشاق عن بعضهم البعض.
ماري (اسم مستعار) مهاجرة سورية أجرت بالفعل بعض الأحاديث مع ابنتها البالغة من العمر 14 عامًا حول الحب والرومانسية وتفضل تبني نهج أكثر براجماتية.
تقول ماري: "إذا أخبرتني ابنتي أنها تحب شخصًا ما فسأطلب منها إحضاره إلى المنزل".
"سأخبرها أنه يمكنهما قضاء بعض الوقت هنا تحت إشرافي لكن عليهما الالتزام بقواعد معينة. وإلا فهذا غير مسموح به ".
يعكس تركيز الفتيات والعائلات على ثنائية المشاعر مقابل الأفعال القلق بشأن المواعدة أكثر من مجرد الوقوع في الحب.
آراء نور حسام ووالدتها هبة إبراهيم تعكس ذلك القلق.
تقول نور التي بدأت دراستها الجامعية هذا العام: "في نهاية المطاف نحن بشر ولدينا مشاعر. لا يمكننا التحكم في مشاعرنا."
"طالما أننا لا نتصرف وفقًا لتلك المشاعر ونضع أنفسنا في موقف سيئ فلا بأس".
هبة أيضًا مهتمة أكثر بالعواقب المحتملة للوقوع في الحب من العاطفة في حد ذاتها.
"من الطبيعي في عمرها أن تحب شخصًا ما. ما يهم هو أن تتمكن من السيطرة على مشاعرها".
تقول الطبيبة النفسية للأطفال يارا سمير إن النمو العاطفي للفتيات جزء من رحلة أكبر تؤدي في النهاية إلى النضج.
"التطور العاطفي يسير جنبًا إلى جنب مع التطور البدني والنمو العقلي بالإضافة إلى التغيرات الهرمونية".
لكنها تقول إنه بحلول سن السادسة عشرة عادة ما تشعر معظم الفتيات "بالفضول" بشأن الرومانسية والجنس الآخر.
لكن يارا توضح أن هناك أيضًا عوامل فردية وثقافية تؤثر على النمو العاطفي.
"تؤثر أنماط العلاقات في الدوائر الاجتماعية للفتاة على نموها العاطفي أيضًا. التصورات حول معنى أن تكون فتاة والنظرة إلى المرأة في بيئة الفتاة تشكل مفاهيمها عن العلاقات بين الجنسين."
مسألة عائلية
الحب في المجتمعات العربية هو "مسألة عائلية". لذا فإن مشاركة الأسرة وقبولها للشريك الرومانسي المحتمل أمر لا مفر منه.
تقول هبة بحزم: "إذا وقعت ابنتي في الحب فعليها أن تأتي وتخبرني".
توافق نور على ذلك موضحة كيف أن والدتها "تتمتع بخبرة أكبر بكثير" وكيف يمكنها مساعدتها على اتخاذ خيارات أفضل.
عادة ما تكون الأمهات هن كاتمات أسرار الفتيات العربيات لكن أيمن كمال يقول إنه يود أن تتحدث معه ابنته المراهقة إذا كانت لديها مشاعر تجاه شخص ما.
سألت أيمن ما إذا كان سيسمح لابنته بأن يكون لها حبيب.
"لن أسمح بذلك إذا كنت تريدين إجابة بنعم أو لا. أنا رجل شرقي في النهاية".
يعتقد أيمن، الذي لديه ابنة تبلغ من العمر 14 عامًا ، أن الاختلاف الرئيسي بين كيفية التعامل مع الموضوعات الشائكة هنا في أستراليا مقارنة بالعالم العربي هو "مساحة النقاش".
يضيف أيمن: "سنجري مناقشة كبيرة حول هذا الموضوع وآمل أن أتمكن من إقناعها".
في المجتمعات العربية في الأغلب النوع الوحيد من الحب الذي يمكن أن يحصل على نوع من القبول الاجتماعي هو الحب الذي يؤدي إلى الزواج.
يقول : "ترتبط العلاقات الرومانسية في المجتمع العربي ارتباطًا وثيقًا بالزواج الذي يرتبط بالأسرة وشبكات القرابة".
السياق الوحيد المقبول للرومانسية بحسب رندا ذات الـ16 عامًا هو الزواج الذي تعتقد أنه يجب أن يأتي بعد سنوات الدراسة الجامعية.
تقول رندا وهي طالبة في السنة الثانية عشرة: "لا أؤمن بكل ما يتعلق بعلاقات الحبيب والحبيبة".
تؤكد كل من ليلى وهبة على "الجدية" كشرط مسبق للسماح لابنتيهما بالدخول في علاقة عاطفية.
"يجب أن يكون الشاب مستعدًا لتكوين أسرة" تقول هبة موضحة صفات الشريك المناسب المحتمل لنور.
على الرغم من موقفه المحافظ يعتقد أيمن أن الأسر العربية في أستراليا لا ينبغي أن تفترض أن الأبناء سيمتنعون عن فعل بعض الأشياء بمجرد القول لهم أنها عيب أو خطأ.
"سيتخذون قراراتهم بأنفسهم في النهاية".
تعتقد يارا أن الآباء يجب أن يكونوا "الملاذ الآمن" لأطفالهم مهما حدث.
"قد يتم اتخاذ قرارات خاطئة. وقد يكون من المؤلم أن يشاهد الوالدان ذلك لكن يجب أن يحتضنا أطفالهما".
يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على