قُتل حسن نصرالله زعيم حزب الله الذي قاد الحركة خلال عقود من الصراع مع إسرائيل، وأشرف على تحولها إلى قوة عسكرية ذات نفوذ في الشرق الأوسط وأصبح أحد أبرز الشخصيات العربية منذ أجيال.
اغتالت إسرائيل نصر الله في السابع والعشرين من سبتمبر 2024 من خلال غارة جوية على العاصمة اللبنانية بيروت وسط تصاعد التوترات والصراع بين حزب الله وإسرائيل.
فمن هو الرجل الذي قاد أكبر جماعة مسلحة في المنطقة لأكثر من ثلاثة عقود وأثار الجدل داخل لبنان وخارجها؟ هل هو مقاوم وطني؟ أم زعيم شيعي؟ أم قائد جماعة إرهابية دولية؟
نشأ نصر الله في منطقة الكرنتينا الفقيرة في بيروت. وتنحدر عائلته من البازورية، وهي قرية تقع في جنوب لبنان ذو الأغلبية الشيعية وتشكل اليوم المعقل السياسي والحاضن الشعبي لـحزب الله.
نصر الله يعتبر واحدا من جيل من الشباب الشيعة اللبنانيين الذين تشكلت نظرتهم السياسية من خلال الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979.
قبل أن يقود الحركة، كان ضمن مقاتلي الخطوط الأمامية الذين يقاتلون الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان.
كيف تولى قيادة الحزب؟
أصبح نصر الله أمينًا عامًا لـ «حزب الله» في عام 1992 في سن 32 عامًا بعد أن قتلت إسرائيل سلفه، عباس الموسوي، في هجوم بطائرة هليكوبتر. وقد توفي ابنه هادي في معركة عام 1997.
شكل الصراع مع إسرائيل قيادة نصر الله إلى حد كبير.
في لبنان، يُعَد نصر الله شخصية مثيرة للجدل. فبالنسبة للعديد من أفراد الطائفة الشيعية وأنصار حزب الله، فهو رمز للمقاومة ضد العدوان الخارجي، وخاصة من إسرائيل. ويُنسب إلى قيادته إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان في عام 2000، الأمر الذي عزز سمعته كمدافع عن السيادة اللبنانية.
Hezbollah Secretary-General Hassan Nasrallah (R) meets with speaker of Iran's parliament Ali Larijani (L) in Beirut capital of Lebanon on December 22, 2014. Source: Anadolu / Anadolu/Getty Images
وقد أدت الاشتباكات التي وقعت في بيروت عام 2008 بين قوات حزب الله والفصائل المعارضة إلى تفاقم التوترات الطائفية، مما أثار المخاوف بشأن دور حزب الله في السياسة الداخلية.
على الصعيد الدولي، تتباين التصورات عن نصر الله بشكل كبير. حيث تصنف دول مثل الولايات المتحدة وإسرائيل وكندا وأعضاء الاتحاد الأوروبي حزب الله كمنظمة إرهابية، وتنسب إليه هجمات وأنشطة مختلفة تزعزع استقرار المنطقة. وهم ينظرون إلى نصر الله باعتباره زعيماً لجماعة مسلحة تعمل خارج حدود القانون الدولي.
وعلى النقيض من ذلك، تدعم دول مثل إيران وسوريا حزب الله، وتنظر إليه باعتباره حركة مقاومة مشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي والنفوذ الغربي في الشرق الأوسط.
وفي العالم العربي والإسلامي، تنقسم الآراء؛ فبعض الناس يرون نصر الله بطلاً يقف في وجه الظلم، في حين يتحفظ آخرون بشأن علاقات حزب الله بإيران وتورطه في صراعات مثل الحرب الأهلية السورية.
قرارات مثيرة للجدل
تميزت فترة ولاية نصر الله بالعديد من الأحداث المثيرة للجدل. وتبرز حرب عام 2006 كحلقة مهمة في تلك الأحداث.
فقد دفع أسر حزب الله لجنديين إسرائيليين إلى رد عسكري هائل من إسرائيل، مما أدى إلى ما عرف بـ"حرب تموز" التي استمرت 34 يومًا. وأسفرت الحرب عن خسائر كبيرة في الأرواح وأضرار في البنية التحتية في لبنان.
وبينما أعلن نصر الله تحقيق "نصر إلهي"، انتقد كثيرون العملية التي أشعلت الحرب باعتبارها متهورة، وتساءلوا عن التكلفة البشرية والاقتصادية التي تكبدها لبنان.
في السنوات التي أعقبت حرب عام 2006، سعى نصر الله إلى الحفاظ على «توازن الرعب» مع إسرائيل عن طريق تعزيز إمكانات الحزب القتالية.
أصبحت مسألة سلاح حزب الله واحدة من القضايا الشائكة في لبنان حيث بدأت قوى سياسية لبنانية وأجنبية تطالب بنزع سلاح الحزب، فيما تمسّك هو بسلاحه.
اتخذ الحزب قرارا آخر مثيرا للجدال تحت قيادة نصر الله وهو التورط في الحرب الأهلية السورية.
فبدءًا من عام 2012 تقريبًا، وجه نصر الله قوات حزب الله لدعم الحكومة السورية بقيادة بشار الأسد. وقد أدى هذا التدخل إلى جر حزب الله إلى صراع طويل الأمد، مما أدى إلى تفاقم الانقسامات الطائفية وإثارة الانتقادات لتعميق عدم الاستقرار الإقليمي.
جدل داخل لبنان
على الصعيد المحلي، ظل تخزين حزب الله للأسلحة وعملياته العسكرية المستقلة مصدرًا للتوتر مع الأطراف اللبنانية الأخرى. وترى بعض القوى اللينانية أن مثل هذه الإجراءات تنتهك قرارات الأمم المتحدة وتقوض سلطة الدولة اللبنانية.
LISTEN TO
"لبنان تحت الأرض": ماذا بعد اغتيال رجل حزب الله الأول حسن نصرالله؟
SBS Arabic
30/09/202423:58
لقد أدى انفجار مرفأ بيروت عام 2020 إلى تكثيف التدقيق على حزب الله بسبب مزاعم - وإن لم تثبت - بتورطه في تخزين المتفجرات.
أدت حرب غزة، التي أشعلها هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، إلى أسوأ صراع لحزب الله مع إسرائيل منذ عام 2006، مما أدى إلى مقتل المئات من مقاتليه بما في ذلك كبار القادة.
اغتالت إسرائيل نصر الله في غارة جوية على الضاحية الجنوبية في السابع والعشرين من سبتمبر 2024. وقد أشارت تقارير إلى أن إسرائيل ألقت ما يزيد على 80 قنبلة خارقة للتحصينات في تلك الغارة.
حتى بعد رحيله يظل حسن نصر الله أحد أكثر الشخصيات تأثيرا وإثارة للجدل على الساحة السياسية في الشرق الأوسط. وسيظل إرث قيادته لحزب الله يلعب دورا محوريا في تشكيل الوضع داخل وخارج لبنان لفترة طويلة من الزمن.