ريمي رينيه بندلي التي وصفت بالطفلة المعجزة وأبكت العالم عام 1984 حين غنّت "عطونا الطفولة"، يهز كيانها تشرّد أطفال لبنانها وترتجف كطفلة في اربعينها أمام دوامة عنف لا تنتهي.
هي التي ولدت في الحرب وكبرت في الحرب وانسلخت عن أرضها هربًا من نيران الحرب، تقف اليوم لتذرف الدمع الساخن لتقول ’لا’ لدوامة عنف لا تعرف نهاية ولتقبّل جرح لبنان.
من العاصمة القطرية الدوحة، احتضت اثيرًا يبحث عن المعنى امام هذا الكم من الألم، فعادت الى طفولتها المجروحة لتقول:
"لم أشبع من أيام السلام الخجولة المتقطعة، اشعر بألم لأنني مرتبطة بهذا الوجع والسواد القاتم، ولكن ما يعزّيني هو انني حملت الأمل بصوتي في الثمانينات عندما غنيت "اعطونا الطفولة".
لم تَُشف من جراح الحرب وان بدت متماسكة من الخارج وهي التي رسمت الحرب مسار رحلتها وسلختها عن ارض ومسرح واغنية. تقول ريمي:
" ولدتُ في الحرب، عاينت الحرب وهربت من الحرب بقرار من والدي، ولكن والدتي عادت الى لبنان بعد ان نضُجنا وتأبى ان تغادره".
Displaced children from South of Lebanon holding their drawing of a broken homeland in their shelter place & send Remi Bandali a moving message.
ذاكرة جرح
يصعب شرح ما تشوهه الحرب او تبتره في الكيان النفسي عند الأشخاص سيما الأطفال، وكأن الذاكرة تأبى ان تفقد الذاكرة فتسجن الحواس في كل دهاليز الحرب وحتى تعبير الطبيعة يصبح لعنة.
تكشف ريمي عمّا هدمته الحرب في داخلها اذ تقول:
" الحرب شوهت ارتباطي بالطبيعة وما قد يكون مصدر وحي وطاقة إيجابية لكثيرين، يعيدني الى الملجأ واخترت ان امحو حقبة بأكملها من ذاكرتي لشدة الألم"،
وتتابع قائلة:
لا نُشفى من جرح الحرب، حتى اللحظة ارتجف عند سماع دوي الرعد
"هذه صدمة ترافقني مدى الحياة مهما عالجنا ذواتنا، اعود الى تلك الطفلة الصغيرة في الملجأ لحظة سماع هذا الصوت".
ليش؟
هي التي غنّت " ليش السما سودا ليش؟ والعصفورة راحت ليش؟ واللعبة مش عم بتغني زعلانة عم تبكي ليش؟" تحاول ان تعطي معنى لهذه العبثية، تحاول ان تبحث عن السببية لعلها تفهم فتقبل واقعًا مزّقها من الداخل قائلة:
" لا أجد سببًا واحدًا سوى أن الجميع يريد لبنان وجماله وهذا الواقع المفرح المحزن".
وتتابع قائلة:
" تعبنا من الحرب، يكفينا حروب! "خسرنا مستقبلنا واهلنا خسروا حياة بأكملها ولكن ما ذنب هؤلاء الأطفال".
لبنان لنا نحن عشاقه
"لبنان يدفع ثمن جماله ولم أر بجماله في العالم"؟
شمالية جنوبيّة
تحتضن ريمي بندلي في قلبها ودمها الجنوب الجريح كما الشمال المرهق، تبكي فتقول:
" انا احتضن الجنوب والشمال في قلبي وروحي ودمي فوالدتي من النبطية ووالدي من طرابلس وافتخر بذلك".
تنظر لا الى أطفال لبنان فحسب، بل الى أطفال غزة واليمن والسودان وتسأل:
يا الله! هذا ظلم! اشعر بتمزق في داخلي! ما ذنب الطفولة؟ لم هذا الكم من الألم؟
لبنان لنا
تعانق ريمي بندلي لبنانها في حنايا صوتها، فهي تحبّه، تعشقه لا بل تصلّيه قائلة:
لبنان يستحق الحياة، نحن نحب الحياة اسمحوا لنا ان نتنفس وسندهشكم "
"لبنان لنا وسيبقى لنا وأنتم لبنان"،
"انا بعيدة ولكن قلبي في لبنان ولم ار والدتي منذ سنة التي ترفض ان تترك لبنان!"
أطفال الجنوب "منحبك ريمي"
لم تتمالك ريمي نفسها امام أصوات أطفال نزحوا من جنوب لبنان ووجهوا لها رسالة بأصواتهم وغنّوا لها ومعها "اعطونا الطفولة"، فبكت وبصوت يرتجف المًا قالت:
"لم أتخيل ان اتألم لهذا الحد، شعرت بسكين اخترق قلبي ولكن الله كبير"، " ما ذنب الأطفال، اشعر بسكين يخترق قلبي!".
هي التي ايقظت الحلم لطفولة لا تبحث الا عن وجه القمر تقول:
"اريدهم ان يستمروا بالبحث عن القمر والا يفقدوا ذكرياتها في الأماكن التي اجبروا على اخلائها".
كيف قبّلت جرح بيروت بصوتها؟ وماذا غنّت لها؟
الإجابة في الملف الصوتي المرفق بالصورة أعلاه.
استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على وعلى القناة 304 التلفزيونية.