تبدو عملية الحصول على الجنسية في أستراليا لحملة التأشيرات بسيطة ومباشرة: كل من يحمل تأشيرة دائمة يمكنه التقدم للحصول على الجنسية بعد قضاء أربع سنوات في أستراليا. لكن هذه القاعدة لا تنطبق على الجميع.
حسين النجفي يبلغ من العمر 33 عاما، قضى منها عشر سنوات في أستراليا، لكنه غير قادر على الحصول على الجنسية. حصل النجفي على إقامة دائمة كلاجئ عام 2012، ولكنه، منذ ذلك الحين، لم يتمكن من الانتقال إلى المرحلة التالية.
النجفي يعرف نفسه أنه عراقي مولود في إيران، لكنه لا يحمل أي وثائق تثبت جنسيته في أي من البلدين: "والدي ووالدتي هاجرا إلى إيران عام 1979، وأنا ولدت هناك لكني لم أحصل على أي وثائق رسمية."
وقال النجفي لأس بي أس عربي24 "نحن من ضمن من طردوا من بلادهم لأسباب طائفية وعرقية (خلال السبعينات) ولجأوا إلى إيران، وعدد منهم لجأوا إلى دول أوروبا وقسم في الولايات المتحدة." مؤكدا "لا أملك وثائق عراقية أو إيرانية وعلى هذا الاساس حصلت على اللجوء."وصل النجفي إلى أستراليا عبر القوارب قادما من ماليزيا ثم إندونيسيا عام 2010 وقضى حوالي 19 شهرا رهن الاحتجاز في مراكز احتجاز اللاجئين في كريسماس أيلاند وسيدني.
Hussien Al Najefi in Sydney Source: Supplied
وقال حسين: "بعد معاناة وقطع مسافات طويلة وشهور صعبة قضيناها في إندونيسيا، دخلنا إلى كريسماس أيلاند بأعداد كبيرة وأخذوا منا الملفات والقضايا الخاصة بنا." وأضاف "قضيت ستة أشهر في كريسماس آيلاند و13 شهرا في سيدني قبل إطلاق سراحنا وحصولي على تأشيرة مؤقتة."
لم ينتظر حسين أكثر من ثلاثة أشهر للحصول على الإقامة الدائمة في إطار تأشيرة الحماية، لكن التقديم للجنسية كان أمرا مختلفا. انتظر النجفي أربع سنوات ليحصل على رد أولي مطلع العام الجاري، وجاء الرد بالرفض: "قالوا لي إن الرفض بسبب عدم حيازتي لمستندات رسمية تثبت هويتي، رغم أن لجوئي أساسا بناء على عدم امتلاكي لمستندات رسمية."
حالة حسين ليست فريدة، فقبل اندلاع الحرب الإيرانية العراقية تم إبعاد مجموعات من العراقيين فيما عُرف باسم سياسة "التسفير" وشملت فئات من العراقيين بالإضافة إلى الكرد الفيليه، ليجد هؤلاء أنفسهم لا ينتمون لأي من البلدين.
وقال حسين "دائرة الهجرة الأسترالية تعرف بقضايا "المسفرين" وكذلك يعرفون قضايا الأكراد الفيلية، وهذه الفئات أعدادها ليست قليلة."
محامية الهجرة إيفا عبد المسيح من شركة Migrate to Australia تشرح سبب التضارب في موقف دائرة الهجرة في التعامل مع طلب حسين باللجوء والجنسية: "تاشيرة الحماية والإقامة الدائمة تحت قانون الهجرة، والجنسية تخضع لقانون الجنسية، ورغم أن الجهة التي تمنحهما واحدة إلا أنها تفعل ذلك طبقا لقانونين مختلفين، ومن هنا يأتي الالتباس."
أستراليا كانت قد شهدت تغييرات في قوانين الهجرة خلال عام 2014 مع عزم حكومة الائتلاف المحافظة بزعامة توني آبوت على وقف قوارب المهاجرين، وهي الحملة التي أدراها سكوت موريسون، وزير الهجرة آنذاك.لكن إيفا عبد المسيح قالت إن القوانين الخاصة بالحصول على الجنسية لم تتغير خلال تلك الفترة لكن ما تغير هو طريقة إدارة الملف: "هذه كانت الإجراءات المتبعة قبل ذلك ايضا، يجب التأكد من الهوية والاقتناع بصحتها، واستيفاء مدة الإقامة في البلاد قبل الحصول على الجنسية، واستيفاء شروط اختبار الشخصية الخاص بالملف الأمني. ربما بعض التواريخ والأشياء البسيطة تغيرت ولكن ليس بشكل جذري."
Scott Morrison and Tony Abbott. Source: AAP
وأضافت "خلال تلك الفترة أيضا حصل صعود داعش في الشرق الأوسط، ووجد المسؤولون في أستراليا، أن بعض ممن قدموا كمهاجرين وحصلوا على الجنسية الاسترالية، ذهبوا للقتال مع داعش."
وشرحت تأثير ذلك على طريقة التعامل مع ملفات الجنسية "هذا الأمر دفع الحكومة لتشديد الإجراءات ومراجعة كيفية منح الجنسية، والفترة الزمنية التي يستحق بعدها المهاجر الحصول عليها." وأضافت "كانت مدة الانتظار في السابق سنتين، ثم اصبحت أربع سنوات، وكان هناك نقاش حول جعلها عشر سنوات."
وأكدت أيفا "القانون لم يتغير، ولكن إداريا أصبح هناك مزيد من التشدد، وأصبحت طريقة التفكير أنه ما لم يتم تأكيد الهوية بمعلومات صحيحة وأدلة ووثائق تستوفي الشروط فإنه لا يمكن منح الجنسية."
ولكن ليس بإمكان الجميع الحصول على أوراق موثقة كما يقول حسين: "والدي لا يملك أوراق رسمية عراقية، وأنا غير قادرعلى إثبات هويتي أو الدخول في معركة قضائية في إيران، حيث ما زالت تعيش أسرتي، لأني أخاف أن أتسبب لهم في مشاكل."
وقال النجفي "كان لدينا بطاقة هوية تسمى الكارت الأبيض، ولكن في عام 2007 وعند محاولتنا تجديد الإقامات، سلمنا الكارت الأبيض وأخذته دائرة الهجرة الإيرانية ولم تعده إلينا أو أي وثيقة أخرى مكانه."
وطالب النجفي بعمل استثناءات لحالات محددة "أنا أسكن في أستراليا منذ عشر سنوات، لم أرتكب أي مخالفة أو أقوم بعمل إجرامي، وسجلي نظيف، لما لا يتم إعطائي الجنسية، ما الذي ينتظرونه بعد."
وقال حسين "أنا لا أحصل على مساعدات مالية من الدولة من ثلاث أو أربع سنوات، وحتى قبل ذلك كنت أحصل على مساعدات بشكل متقطع، أقوم بأعمال حرة على حسابي الخاص وأسدد الضرائب للحكومة الأسترالية."
وأضاف "أغلب الأشخاص الذين أعرفهم من اللاجئين يعملون في مجالات مثل الكهرباء والحديد ومشاريع البنية التحتية، وقد ساعدوا في تحريك عجلة الاقتصاد."
وقالت وكيلة الهجرة إيفا عبد المسيح إن دائرة الهجرة تتعامل مع بعض الدول باعتبارها دول عالية الخطورة، وبالتالي يكون هناك تشدد في التعامل مع طلبات القادمين منها: "كان لدي قضية مشابهة، أيضا عراقي مولود في إيران وليس لديه جنسية، ومتوقف طلبه لدى دائرة الهجرة بسبب عدم وجود وثيقة رسمية لإثبات الهوية، ذهبنا إلى إيران والعراق وقلبنا الأوراق، حتى وصلنا إلى صورة لورقة قديمة تثبت الاسم وتاريخ الميلاد، واستخدمناها لتمرير الطلب والحصول على الجنسية."
النجفي يرى أن الملف يتم استخدامه بشكل سياسي في أستراليا: "لا يجب أن يكون مصير لاجئي القوارب ساحة لتصفية حسابات سياسية بين الحزبين ويكون الضحية هو اللاجىء."
وأضاف "لا أحد يتمنى أن يسافر بتلك الطريقة غير الشرعية والخطيرة، بالطبع كنت أتمنى أن أسافر بطريقة أفضل، ولكن الظروف لا تسمح لك أحيانا، وهذا هو ما يدفع الإنسان للسفر بتلك الطريقة والمجازفة."
وتساءل النجفي "من ينزل إلى المحيط ويقضي عدة أيام متواصلة متجه إلى المجهول لا يعرف إن كان سيصل أو سيغرق؟" وأضاف "انا أعتقد أن هذا هو اللجوء، عند التقييم يجب أن يكون هذا هو تعريف اللجوء، الإنسان لو لم يكن مضطرا، لم يكن ليركب في القارب ويقضي ساعات في قارب فيه ستون أو ثمانون شخصا بينهم نساء وأطفال وكبار في السن."