في الساعات الأولى من يوم 7 أكتوبر 2023، شنت مجموعة من الفصائل الفلسطينية بقيادة حماس سلسلة من الهجمات المنسقة ضد إسرائيل.
اخترقت الصواريخ السماء ودوت أصوات صافرات الإنذار فيما اعتبر تصعيدا كبيرا في منطقة مثقلة بعقود من الصراع.
فما الذي حدث في ذلك اليوم وما هي العواقب الأوسع لإسرائيل والفلسطينيين والمنطقة؟
"طوفان الأقصى"
بدأت العمليَّة التي أسمتها الفصائل الفلسطينية بـ"طُوفَان الأقصى" عبر هُجومٍ صَاروخي وجَّهت خلاله آلاف الصواريخ صوبَ مختلف المستوطنات الإسرائيليّة في الشمال والقدس في الشرق، وتزامنَ مع إطلاق الصواريخ اقتحام برّي عبر السّيارات رُباعيّة الدّفع والدّراجات النّارية والطّائرات الشّراعيّة للبلدات المتاخمة للقطاع، والتي تُعرف باسم غلاف غزة.
سيطر المهاجمون على عددٍ من المواقع العسكريّة خاصة في سديروت وخاضوا اشتباكاتٍ عنيفة في عدد من المستوطنات.
ألقى القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام محمد الضيف بيانًا في تمام الثامنة صباحًا، وفيه أعلن بدء العمليّة العسكرية.
"نعلن أن الضربة الأولى من عملية طوفان الأقصى التي استهدفت مواقع العدو ومطاراته وتحصيناته العسكرية خلال العشرين دقيقة الأولى قد تجاوزت 5000 قذيفة. هذا يوم الثورة الكبرى من أجل إنهاء الاحتلال الأخير."
تسببت الهجمات في حوالي 1200 إسرائيليا وأسر حوالي 240 واقتيادهم كرهائن إلى غزة ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الوضع بأن "إسرائيل في حالة حرب".
"مواطنو إسرائيل إننا في حالة حرب. لسنا في عملية عسكرية ولا مناوشات. إننا في حالة حرب."
LISTEN TO
رجل انقسم حوله العالم: الوجوه المتعددة للسيد حسن نصر الله
SBS Arabic
04/10/202409:05
تسببت الهجمات في حالة صدمة في جميع أنحاء إسرائيل، مما أدى إلى حالة طوارئ على مستوى البلاد. تم إغلاق المدارس، وتم حظر التجمعات العامة، وحث المواطنين على البقاء في الملاجئ.
وقد وصف مبعوث إسرائيل في الأمم المتحدة جيلاد إيردان السابع من أكتوبر بأنها هجمات الحادي عشر من سبتمبر بالنسبة لإسرائيل.
تقول تهاني مصطفى المحللة السياسية المتخصصة في الشؤون الفلسطينية إن تأثير هجمات السابع من أكتوبر على إسرائيل كان عميقا للغاية.
"إحساس إسرائيل بالأمان تحطم بالكامل في السابع من أكتوبر وهي الدولة التي أسست عملية التطبيع مع الدول الأخرى في المنطقة على أنها هي التي تستطيع حماية المنطقة."
"هذا الوهم تحطم تماما في السابع من أكتوبر وهذا أمر ما زالت إسرائيل لا تستطيع التعامل معه حتى الآن."
تهاني مصطفى
الإطار السياسي والتاريخي
ردًا على هجمات الفصائل الفلسطينية، أطلقت إسرائيل عملية "العزم الحديدي" وهي حملة عسكرية واسعة النطاق شملت غارات جوية وتوغلا بريا. بررت إسرائيل تلك الهجمات بأنها استهداف لمخابئ الأسلحة المشتبه بها ومراكز القيادة وشبكات الأنفاق التابعة لحماس.
يرى الكثيرون أنه لا يمكن فهم هجمات السابع من أكتوبر بمعزل عن الإطار السياسي والتاريخي في المنطقة.
فهي جزء من الصراع العربي الإسرائيلي الذي امتد لعقود. ويرى بعض الخبراء أن فشل مفاوضات السلام وانسداد أفق الحل السياسي دفع الفلسطينيين إلى محاولة تغيير قواعد اللعبة السياسية.
"قبل الهجمات كان لدى الفلسطينيين شعور أن إسرائيل ليست شريكا للسلام يمكن الوثوق به وأنهم لا يستطيعون الجلوس معها على طاولات المفاوضات."
"كان الوضع غير قابلا للاستمرار خاصة مع خسارة الفلسطينيين المزيد من الأراضي والحقوق السياسية."
جائت ردود الفعل الدولية على هجمات السابع من أكتوبر سريعة. فقد أدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الهجمات بشكل حاسم، وأكدا تصنيفهما لحماس كمنظمة إرهابية.
"تم قتل وجرح المدنيين الأبرياء في الشوارق وفي بيوتهم. عائلات بالكامل تم أسرها من قبل حماس...عندما تحدثت مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخبرته أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل. لإسرائيل الحق في حماية نفسها ومواطنيها."
على مدار العام الماضي، أدت الهجمات إلى تحولات كبيرة في الديناميكيات الإقليمية وأدت إلى مزيد من الاستقطاب في المنطقة. لكن الخبراء يرون أنه من المبكر تحديد الفائزين والخاسرين من تلك التحولات.
بعد الهجمات، اتخذت إسرائيل موقفا أمنيا صارما حيث استمرت في عملياتها العسكرية، بما في ذلك اغتيالات استهدفت قادة حماس رغم الإدانات الدولية ومحاولات الوصول لاتفاق بشأن وقف لإطلاق النار.
هل كان الرد متناسبا مع الهجمات؟
يرى المؤيدون أن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها بينما يقول المنتقدون إن نطاق الرد الإسرائيلي لم يكن متناسبا مع الهجمات.
"بالطبع رد إسرائيل ليس متناسبا مع الهجمات ومنظمات حقوق الإنسان أكدت ذلك ولكن أعتقد أن علينا التأكيد على أن إسرائيل تحاول الآن القيام بكل ما يمكنها به بدون محاسبة."
وفقا الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية فإنه حتى أغسطس 2024، سقط أكثر من 40 ألف قتيل وأكثر من 90 ألف جريح على الجانب الفلسطيني. هذا بالإضافة إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية في غزة.
وفق صحيفة فإن أكثر من 70% من مساكن غزة تضررت، إلى جانب المدارس والمستشفيات. وتقول وكالات الإغاثة إن معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة نزحوا، وتكدسوا في شريحة صغيرة من الأرض على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، معزولين إلى حد كبير عن المياه العذبة والغذاء ومحرومين من الرعاية الطبية والصرف الصحي.
كما خلفت الغارات الجوية الإسرائيلية أكثر من 42 مليون طن من الأنقاض في مختلف أنحاء القطاع، وفقًا للأمم المتحدة. وهذا يكفي لملء طابور من الشاحنات يمتد من نيويورك إلى سنغافورة. وقد يستغرق إزالة كل هذا سنوات وقد يكلف ما يصل إلى 700 مليون دولار. وستتعقد المهمة بسبب القنابل غير المنفجرة والمواد الملوثة الخطيرة والبقايا البشرية تحت الأنقاض.
إعادة إعمار غزة قد تحتاج لعدة عقود وقد تكلف أكثر من 80 مليار دولار وبحسب الخبراء فإن التأثير المدمر لهذه الحرب سيستمر لأجيال.
وبعد عام من اشتعال الحرب في غزة امتدت ألسنة اللهب إلى لبنان.
قررت إسرائيل شن حملة عسكرية على حزب الله الذي تأكيدا على وحدة الساحات لم يتوقف عن إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل دعما لغزة.
تسببت الغارات الإسرائيلية في دمار واسع في القرى الجنوبية وفي الضاحية الجنوبية لبيروت. حتى نهاية سبتمبر 2024، سقط ما يزيد عن 1000 قتيل لبناني من بينهم قيادات في حزب الله.
وفي 27 سبتمبر، تمكنت إسرائيل من اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مقتل نصر الله بأنه نقطة تحول تاريخية يمكن أن تغير موازين القوى في الشرق الأوسط.
Palestinians walk near debris of destroyed buildings as the scale of destruction, caused by Israeli attacks, comes to surface following the withdrawal of Israeli army in Khan Yunis, Gaza on September 29,2024. Source: Anadolu / Anadolu/Anadolu via Getty Images
يتساءل الكثيرون الآن عن مستقبل المنطقة.
يرى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن أنه لا يزال هناك أمل.
"أعرف أن الكثيرين ينظرون إلى العالم اليوم ويرون صعوبات ويشعرون باليأس ولكني لا أفعل ذلك. إننا كقادة لا نملك هذه الرفاهية. أدرك التحديات الكبيرة التي يواجهها العالم من أوكرانيا إلى غزة والسودان وأكثر من ذلك...ربما بسبب كل ما رأيته وعايشته عبر العقود الماضية لدي أمل وأتطلع بتفاؤل إلى المستقبل."
لكن تهاني مصطفى تبدو أقل تفاؤلا.
"من المبكر الحديث عما نحن مقبلون عليه. في بعض اللحظات كان لدينا توقعات حول المستقبل مثلما حدث في الربيع العربي. ولكن لحظات التحولات الكبرى لا تقود دائما إلى تغييرات إيجابية."