أطلق سراح ثلاث رهائن إسرائيليين وخمس تايلانديين ومعتقلين فلسطينيين الخميس، في ثالث عملية تبادل رهائن وسجناء بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس بعد أكثر من 15 شهرا من حرب مدمّرة في قطاع غزة.
وتخلّلت عملية تسليم سبعة رهائن في خان يونس جنوبي القطاع مشاهد فوضى عارمة ما أثار تنديد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ودفعه الى تأخير الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين إلى حين تلقّى من الدول الوسيطة "ضمانة" ب"إفراج آمن" عن الرهائن المتبقين في القطاع.
وعلى الإثر، انطلقت حافلتان تقلان معتقلين فلسطينيين من سجن عوفر الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة تتقدّمهم سيارة تابعة للصليب الأحمر، وفق ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس.
وأكدت مصلحة السجون الإسرائيلية أنّها أفرجت الخميس عن 110 معتقلين فلسطينيين من بينهم 32 معتقلا محكوما بالسجن المؤبد، سيتم إبعاد 18 منهم، و48 معتقلا صدرت بحقهم أحكام بالسجن لفترات متفاوتة و30 معتقلا قاصرا.
وظهر المعتقل زكريا الزبيدي ( 49 عاما) وهو يلوّح بإشارات النصر من داخل الحافلة التي أقلّته من السجن.
والزبيدي هو أحد أشهر قادة كتائب شهداء الأقصى في مخيم جنين، وقد قاد عملية الهروب الشهيرة في سجن جلبوع الإسرائيلي في 2021.
وأطلقت إسرائيل سراح هؤلاء المعتقلين بعدما تسلّمت ثمانية من الرهائن المحتجزين في قطاع غزة هم ثلاثة إسرائيليين وخمسة عمال تايلانديين.
إطلاق الرهائن
وبدأت عملية التبادل صباح الخميس بإطلاق الجندية الإسرائيلية آغام بيرغر البالغة 20 عاما والتي خُطفت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 خلال هجوم حماس غير المسبوق على إسرائيل، بينما كانت تقوم بخدمتها العسكرية قرب قطاع غزة.
وأطلق سراحها في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة الذي شهد خلال الأشهر الأخيرة معارك ضارية.
وبعد ساعات على ذلك، سلّمت حركة الجهاد الإسلامي كلا من أربيل يهود البالغة 29 عاما والتي خُطفت في هجوم حماس على كيبوتس نير عوز، وغادي موزيس (80 عاما)، في خان يونس في جنوب القطاع. ويحمل الاثنان الجنسية الألمانية أيضا.
كما أُفرج عن خمس رهائن تايلانديين من خارج إطار الاتفاق. وكانوا خطفوا أيضا خلال هجوم حماس غير المسبوق على إسرائيل والذي تلته حرب مدمّرة في قطاع غزة.
وكان حشد من الفلسطينيين تجمّع في خان يونس على مقربة من المنزل المدمّر الذي نشأ فيه يحيى السنوار، الرئيس السابق لحركة حماس الذي قتلته إسرائيل في معركة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وراح المحتشدون يهتفون ويصرخون ويتدافعون للاقتراب من السيارات التي نقلت الرهائن، وسط العشرات من عناصر حركتي حماس والجهاد الإسلامي التي قاتلت الى جانب حماس. وعمّت المكان فوضى عارمة.
Israeli Arbel Yehoud, 29, who had been held hostage by Hamas in Gaza since Oct. 7, 2023, is escorted by Hamas and Islamic Jihad fighters as she is handed over to the Red Cross in Khan Younis, southern Gaza Strip, Thursday Jan. 30, 2025. (AP Photo/Abdel Kareem Hana) Source: AP / Abdel Kareem Hana/AP
وعلى الإثر، أمر نتانياهو بـ"إرجاء" الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين، "إلى حين ضمان مغادرة رهائننا بشكل آمن في المراحل المقبلة".
لكن سرعان ما أعلن مكتب نتانياهو في بيان أنّ الوسطاء (الولايات المتحدة وقطر ومصر) "قدّموا التزاما بضمان الإفراج الآمن عن رهائننا الذين سيتمّ إطلاق سراحهم في المراحل التالية".
من جهتها، دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى إدخال "تحسينات" على أمن عمليات تسليم الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس في غزة إلى إسرائيل.
وقالت رئيسة اللجنة ميريانا سبولياريتش "إن ظروف اليوم تؤكد أهمية التزام جميع الأطراف باتفاقياتها وضمان تنفيذ العمليات بطريقة آمنة ورصينة"، مضيفة "يجب ضمان أمن هذه العمليات، ونحن نحض على تحسينها في المستقبل".
من جهتها، قالت عائلة أربيل يهود التي لا يزال شريك حياتها وشقيقه محتجزين في غزة "نحضّ الجميع على عدم السماح بإغلاق هذا الباب المفتوح. يجب إعادة الجميع إلى منازلهم على الفور حتى نتمكن من الشفاء كمجتمع"، في نداء ضمني إلى الحكومة الإسرائيلية التي يهدّد عدد من أعضائها باستئناف الحرب في القطاع.
اقرأ المزيد
قطاع غزة: التاريخ والجغرافيا والبشر
المنصة
وفي شمال قطاع غزة، اصطحب عناصر من كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، أغام بيرغر التي كانت ترتدي اللباس العسكري إلى منصة أقيمت في وسط مخيم جباليا، وكانت محاطة بالعشرات من عناصر حماس المسلحين، قبل تسليمها إلى فريق الصليب الأحمر.
وكانت بيرغر تحمل "هدية" من الخاطفين و"شهادة" إطلاق سراحها.
ورفع علم فلسطيني يبلغ طوله عدة أمتار على هيكل مبنى من خمسة طوابق دُمّرت واجهته. ثم غادرت سيارات الصليب الأحمر البيضاء ناقلة بيرغر الى إسرائيل حيث أظهرت صور لعائلتها فرحة عارمة بالإفراج عنها.
ومن المقرر إجراء تبادل رابع في نهاية الأسبوع.
وكانت حماس اتهمت إسرائيل بتأخير دخول المساعدات إلى قطاع غزة، محذّرة من أن ذلك قد يؤثر على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، فيما وصفت الدولة العبرية الاتهامات بأنها "كاذبة".
وأُطلق سراح سبع رهائن في وقت سابق مقابل 290 فلسطينيا في 19 كانون الثاني/يناير في اليوم الأول من الهدنة ثم في 25 منه.
وفي حين نزح جميع سكان القطاع البالغ عددهم حوالى 2,4 مليون نسمة بسبب الحرب، بدأ مئات الآلاف منهم العودة إلى الشمال منذ الاثنين، واجتازوا كيلومترات سيرا على الأقدام وسط الأنقاض.
ومن المقرر التفاوض خلال المرحلة الأولى الحالية من الاتفاق الممتدة على ستة أسابيع على شروط المرحلة الثانية من الاتفاق والتي تهدف إلى إطلاق سراح الرهائن المتبقين وإنهاء الحرب تماما.
أما المرحلة النهائية، فيفترض أن تشمل إعادة إعمار غزة وإعادة جثث آخر الرهائن الذين لقوا حتفهم في الاحتجاز.
وتسبّب هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 بمقتل 1210 أشخاص على الجانب الإسرائيلي، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
ومن بين 251 شخصا احتجزوا في الهجوم، لا يزال 84 منهم رهائن في غزة، وقد قتل ما لا يقل عن 34 منهم، وفقا للسلطات الإسرائيلية.
وأدى الهجوم الانتقامي الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة إلى مقتل 47460 شخصا على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقا لبيانات وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
ونشرت هذه الحصيلة اليوم مع ارتفاع في الأرقام على الرغم من إعلان وقف إطلاق النار مع العثور على مزيد من الجثث تحت الانقاض.
وفي بانكوك، أعلنت رئيسة الوزراء باتونجتارن شيناواترا أنّها "سعيدة" باستعادة مواطنيها حريتهم بينما أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية أنّ الرهائن التايلانديين الخمسة سيعودون إلى بلدهم في غضون عشرة أيام.
وذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية أنّ الاستخبارات التركية ساعدت في الإفراج عن الرهائن التايلانديين الخمسة.
الضيف
وعلى صعيد متّصل، أعلنت كتائب عزّ الدين القسّام، الجناح العسكري لحركة حماس، مساء الخميس أنّ قائدها العام محمد الضيف قُتل إلى جانب أربعة آخرين من كبار قادتها خلال الحرب بين إسرائيل والحركة في قطاع غزة.
وقال المتحدّث باسم القسّام، أبو عبيدة، في مقطع فيديو "نزفّ شهيد الأمة الكبير القائد محمد الضيف، قائد هيئة أركان كتائب القسّام، والقائد مروان عيسى، نائب قائد أركان كتائب القسام، والقائد غازي أبو طماعة، قائد ركن الأسلحة والخدمات القتالية، والقائد رائد ثابت، قائد ركن القوى البشرية، و القائد المجاهد البطل رافع سلامة، قائد لواء خان يونس".
ولم تؤكّد حماس نبأ مقتل الضيف إلا الخميس.
من جهة أخرى، أعلن الجيش الإسرائيلي الخميس أنّه قتل "عشرة إرهابيين في غارة جوية" شنّها الأربعاء على قرية بالضفة الغربية المحتلة، مؤكّدا بذلك حصيلة أوردتها وزارة الصحة الفلسطينية.
وفي حادث منفصل، أعلن الجيش الخميس أنّ رقيبا يبلغ من العمر 20 عاما "سقط أثناء الخدمة"، بينما قالت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إنّ قُتل خلال تبادل لإطلاق النار مع مسلحين فلسطينيين في جنين، شمالي الضفة الغربية.
كما أعلن الجيش أنّ عسكريا آخر أصيب بجروح خطيرة.