"شعرت بالحزن ولمست الإحباط في القلوب": شهادة حية لما عاينه المطران طربيه في لبنان

Beirut Blast one year on

Source: EPA

شدد راعي الأبرشية المارونية في أستراليا ونيوزيلندا على ضرورة المثابرة والمضي قدما في مد يد العون لتأمين التعليم والغذاء والدواء للمواطنين في لبنان.


يصادف الرابع من آب/أغسطس، الذكرى السنوية الأولى لإنفجار مرفأ بيروت الذي هزّ العالم وأودى بحياة أكثر من 200 قتيل و6,000 جريح، والذي يعتبر من أكبر الانفجارات غير النووية عبر التاريخ.

وأتى انفجار بيروت المفجع مرفقا بكوارث أخرى ومصائب توالت الواحدة تلو الأخرى وأنهكت لبنان وشعبه. ورغم توالي الضربات وانحدار الوضع من سيء إلى أسوأ، يأبى الشعب أن يرضخ لظروف قاهرة تعبث به لتسرق منه شعاع الأمل، بعدما باتت أغلبية العائلات اللبنانية تحت خط الفقر.

فياضانات وحرائق وانهيار اقتصادي واشتباكات وتأخر في تشكيل الحكومة ووباء عالمي، ولبنان ينام على أنباء مفجعة ليستيقظ على أخبار مؤلمة، وشعب يفتش بالفتيلة والسراج عن بصيص نور في نفق مظلم طويل، فهل من يعيد له الأمل أو يمد له يد العون والمواساة.

كثيرون حول العالم التفوا حول لبنان بمصابه، ومن بينهم الجالية العربية في أستراليا التي هبّت للمساعدة دون تردد بكرم وسخاء، كبارا وصغارا وبغيرة ملتهبة.

أطلقت الأيادي البيضاء مبادرات محبة وتضامن من أستراليا الى لبنان لإعادة الإعمار وإصلاح المساكن المتصدعة وتأمين الغذاء والدواء والموارد التعليمية، بزخم وتعاضد إنساني لتجديد الأمل والمحافظة على الوطن وأبنائه المهمشين.
في هذا الإطار، قال سيادة المطران أنطوان شربل طربيه، راعي الأبرشية المارونية في أستراليا ونيوزيلندا والجزر المجاورة، والذي عاد مؤخرا من لبنان بعد أن شارك في سينودوس الأساقفة لهذا العام، في حديث له مع أس بي أس عربي24 إن "الأخبار محزنة ولكن يجب أن لا نيأس."

وأعرب المطران طربيه عن حزنه العميق إزاء معاناة اللبنانيين التي عاينها خلال الزيارة وعن أسفه العميق لهجرة المهارات والأدمغة، من أطباء وممرضين وممرضات ومحامين وقضاة، وهذا ما اعتبره المطران طربيه أمرا خطيرا: "الشباب اللبناني يبحث عن وسيلة للهجرة، عدد كبير من الأطباء والممرضات والمحامين والقضاة تركوا لبنان متجهين إلى دول عربية وأوروبية." 

وأوضح المطران طربيه أن الزيارة الأخيرة هي من الزيارات التفقدية السنوية التي يقوم  بها أساقفة الكنيسة المارونية بهدف الاجتماع مع البطريرك الراعي "لمناقشة الشؤون الكنسية والاجتماعية فضلا عن الأوضاع الوطنية والسياسية في البلاد."

وطال تدهور الأوضاع على شتى الأصعدة ومن أبرزها انطباع المطران طربية عن حالة المواطنين اللبنانيين النفسية: "أكثر ما لمسته في هذه الزيارة هو درجة الإحباط عند الناس ويأسهم من عدم وجود أي مؤشر على إمكانية تحسن الأوضاع."

وتمسك المطران الراعي بضرورة المثابرة والصمود والمحافظة على الإيجابية إلى أن يبزغ فجر غد مشرق: "بالرغم من الحزن، يجب أن ننفض غبار اليأس ونبادر للسؤال، كيف نستطيع أن نساعد الشعب اللبناني ليبقى في أرضه، كيف نستطيع أن نساعد العائلات ونعينها على الصمود بالوسائل المتاحة من خلال المؤسسات الخيرية وما شابه." 

وتوجه المطران طربيه بالشكر إلى أبناء الجالية العربية، مبديا امتنانه للمساعدات المادية والعينية التي شكلت فارقا كبيرا في نوعية حياة المتضررين من انفجار بيروت والعائلات المحتاجة في لبنان، باعتبارها مبادرات "إنسانية فيها الكثير من التضامن وتُظهر مدى الترابط والتضامن الإنساني."
وأشار المطران طربيه إلى أن برنامج المساعدات المستمر يركز على ثلاث احتياجات أساسية هي:

- التعليم والتربية: أكثر من 100 ألف طالب في المدارس اللبنانية مهددون بعدم القدرة على متابعة دراستهم بسبب العوائق المادية، بحسب دراسات صادرة عن مؤسسات أجتماعية متل كاريتاس. 

-المواد الغذائية: تأمين لقمة العيش الكريم من خلال المساعدات العينية أو خلق وظائف وأعمال. 

-الأدوية والمعدات: اللبنانيون يستعينون بأقاربهم في الخارج للحصول على عقاقير دوائية أو علاجات قد تشكل الفارق بين الموت والحياة حيث "تتوانى المستشفيات عن إجراء عمليات جراحية طارئة وضرورية بسبب عدم توفر المواد الطبية اللازمة في لبنان."

ويشهد الكثير من اللبنانيين أن الحرب الضارية التي عرفها لبنان كانت أقل وطأة من الظروف الراهنة: "لم نشهد قط حالات مماثلة في لبنان."

وضمن مبادرة تضامنية حديثة، تقوم الجمعية الطبية اللبنانية LMA في أستراليا، بالتنسيق مع الأطباء المعنيين في كل من مدينتي سيدني وملبورن، بتنظيم المساعدات العلاجية لمن يرغبون بمساندة أقربائهم في لبنان، من ناحية إرسال الأدوية الأساسية كأدوية القلب والضغط وعلاج السرطان.

أما الأدوية التي لا تتطلب وصفات طبية مثل المسكنات الأولية "فيتم شحن كميات منها إلى لبنان بالتعاون مع كاريتاس."
ومن الخطوط العريضة لزيارة المطران طربيه للبنان، العمل والتواصل مع ضحايا مرفأ بيروت: "جريمة لا زلنا متأثرين بها، السؤال كبير الذي لا يلقى  جوابا هو لماذا؟ هذا السؤال هو دمعة بعين كل لبناني مخلص في لبنان وبلاد الانتشار."

"غصة بقلوب الأبرياء وجرح مفتوج ينزف، ألم يومي ومعاناة كبيرة يعيشها أهل الضحايا، لا يجب أن ينتهي المطاف هنا."

"لو وُجدت في لبنان محاسبة ومساءلة للمسؤولين، لما آلت الأوضاع إلى ما هي عليه."

"لو كان هناك محاسبة للمسؤولين في لبنان، لما حدث انفجار مرفأ بيروت المفجع، هذه الكارثة الكبيرة التي حلت بلبنان. الموضوع يعنيني شخصيا لأن الوصول إلى هذا الحد من الاستهتار بحياة الناس غير مقبول."

"بعد مرور سنة على الانفجار، من الضروري إجراء تحقيق شفاف وحيادي خارجي، لأن الإجراءات القضائية الداخلية تصطدم بالحصانة التي يحظى بها السياسيون، وهذا معيب أمام دموع أهالي الضحايا والمتضررين التي لم تجف يوما."

"أهالي الضحايا لا زالوا ينتظرون جوابا حول ما حدث، ويتساءلون كل يوم لماذا خسروا أحبتهم".


شارك