اللاجئ السوري الذي علق في المطار لـ7 أشهر يستقر أخيرا في كندا

Combo image of Hassan al-Kontar stranded at Kuala Lumpur airport (L) and in his new home town of Whistler.

Combo image of Hassan al-Kontar stranded at Kuala Lumpur airport (L) and in his new home town of Whistler. Source: Hassan al-Kontar

حسان القنطار أبن محافظة السويداء في سوريا نال شهرة عالمية بعد أن عاش في مطار كوالالمبور لأشهر


احتفل الشاب السوري حسان القنطار، البالغ من العمر سبعة وثلاثين عاما، برأس السنة بين الثلوج في بلدة ويسلر شمالي فانكوفر بعد أن منحته كندا حق اللجوء في نوفمبر تشرين الثاني الماضي ليبدأ في الاستقرار أخيرا. القنطار الذي حظى بشهرة عالمية بعد أن علق في مطار كوالالمبور لمدة سبعة أشهر، يرغب في التمهل قبل اتخاذ خطوته القادمة.
القنطار قال لSBS Arabic24 "سأظل دائما الشخص الذي كان عالقا يوما ما بالمطار" قبل أن يشرح خطوته القادمة والتي ستكون على الأرجح في المجال الإنساني والدفاع عن حقوق اللاجئين والمهاجرين.

جذبت قصة القنطار أثناء انتظاره لحل في مطار كوالالمبور اهتمام ملايين المتابعين حول العالم، كنت أنا واحد منهم، لذا حرصت على التواصل معه لمعرفة خلفية القصة والإجابة على سؤال كان يشغل بالي: لماذا في ظل الالتزامات الإنسانية لدول العالم والقانون الدولي الذي ينظم حركة الهجرة واللجوء يُضطر شخص على البقاء سبعة أشهر في صالة الانتظار الدولية في أحد المطارات؟
Hassan Al Kontar in his room in Canada
حسان القنطار في غرفته التي يسكنها الآن في فانكوفر بكندا Source: Supplied

رحلة البحث عن وجود قانوني في بلد غير سوريا

"لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئا أو ترده بأيه صورة من الصور إلى حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية" البند الأول من المادة 33 في اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين.
بدأت متاعب القنطار بعد تحول الثورة السورية إلى العمل المسلح في عام 2012. سافر حسان إلى دولة الإمارات عام 2006 وعمل هناك في مجال التأمين "العمل كان ممتاز والعائد كان جيد جدا والحياة كانت جميلة" هكذا يتذكر حسان سنواته في الإمارات. لكن بالتزامن مع اندلاع الحرب في بلاده خسر إقامته في الإمارات، وبقى هناك بشكل غير قانوني حتى احتجزته السلطات الإماراتيه عام 2016. يقول القنطار إن الإمارات حاولت ترحيله إلى بلده الأصلي، لكن ابن السويداء جنوبي سوريا رفض الترحيل خاصة أنه يرفض الخدمة الإلزامية في جيش بلاده خلال الحرب "اعتبرت أن هذه حرب ظالمة وغير حقيقية وغير صحيحة وهي ليست حل، لا يجوز أن نشارك في قتل بعضنا البعض وتدمير منازلنا." خرج القنطار من الإمارات إلى ماليزيا عام 2017، حيث كانت ماليزيا من الدول القليلة حول العالم التي ما زالت تمنح السوريين تأشيرة بمجرد الوصول إلى أراضيها.

سبعة أشهر في مطار كوالالمبور

لا يمكن ألا تذكرك قصة القنطار بفيلم من بطولة توم هانكس، والذي يحكي حياة شخص يعلق في المطار بعد اضطرابات سياسية في بلده الأصلي. ولكن كالعادة الواقع أكثر تركيبا من الدراما. وصل القنطار إلى ماليزيا، ورغم أن الدولة الآسيوية تمنح الجميع تأشيرة للدخول إلى أراضيها إلا أن قوانين الهجرة الصارمة بها تجعلها محطة للمهاجرين واللاجئين، او دولة انتظار وليست دولة استقرار كما يقول حسان "ماليزيا مستحيل العمل فيها للسوريين، مستحيل تحصل على إقامة عمل. هناك من يعمل برواتب ضعيفة جدا بتأشيرة السياحة، ولكن لو قبضت عليهم السلطات يتم ترحيلهم إلى سوريا حصرا."

اضطر حسان للبقاء بشكل غير قانوني لمدة شهر إضافي في ماليزيا لحين تدبير نقود كافية ليسافر على بلد يقبله كلاجئ ويتمكن من الاستقرار فيه بشكل قانوني "بمجرد أن أرسل لي أهلي نقودا، ذهبت إلى سلطات الهجرة في ماليزيا ودفعت قيمة المخالفة لأحصل على 14 يوما إضافيين يجب أن أغادر البلاد خلالهم. كما لا يمكنني العودة إلى ماليزيا لمدة خمس سنوات كاملين بسبب مخالفتي لمدة شهر."
Hassan Al Kontar in Kuala Lumpur airport
حسان القنطار متجولا في مطار كوالالمبور في ماليزيا Source: twitter @Kontar81
تعلم القنطار خلال رحلته المستمرة منذ سنوات قواعد السفر والتنقل للاجئ السوري واولها كما يقول "اشتريت تذكرة إلى الإكوادور، ذهابا وعودة لتوافق شركات الطيران على صعودي للطائرة." الإكوادور واحدة من الدول التي تمنح السوريين لجوءا حتى الآن. يضيف القنطار "اخترت مسار الرحلة لأتفادى كل المطارات الأوروبية، لأن شركات الطيران لا تسمح للسوريين بالمرور ولو ترانزيت على المطارات الأوروبية خشية أن يبقوا فيها ويطلبوا لجوء." حجز حسان رحلة يكون خط سيرها، تركيا ثم كولومبيا وأخيرا الإكوادور، لكن موظف الشركة التركية رفض صعوده على الطائرة وخسر 2200 دولار ثمن التذكرة.

وقبل انتهاء مهلة ال14 يوما التي منحتها إياه السلطات الماليزية قام بمحاولة في اليوم الأخير للسفر إلى كمبوديا لكنها باءت بالفشل "كمبوديا عادة تمنح تاشيرة دخول عند الوصول لمدة شهر نظير مبلغ مالي زهيد، لكنهم رفضوا دخولي وأعادوني إلى ماليزيا."

تويتر جعلني عالميا

وضع القنطار كان فريدا، فهو في مطار ماليزيا لكنه غير قادر على دخولها بسبب مخالفته السابقة، كما خسر أمواله في محاولة للوصول لدول تسمح له بدخول أراضيها، وبالطبع لا يمكن طبقا للقانون الدولي إعادته إلى بلده الأصلي. من هنا بدأت رحلة انتظار في مطار كوالالمبور استمرت سبعة أشهر.
Hassan Al Kontar in Kuala Lumpur airport
حسان القنطار يمارس أحد الهوايات التي كان يشغل بها وقته أثناء انتظاره الطويل في المطار Source: twitter @Kontar81
قضى حسان أول خمسين يوما ينام على الكراسي في قاعة الانتظار الدولي في المطار. كانت شركة الطيران التي أعادته من كمبوديا Air Asia توفر له نفس الوجبة ثلاث مرات يوميا. كان يستخدم حمام ذوي الاحتياجات الخاصة مساءا للاستحمام، كما اتفق مع أحد عمال المطار على غسل ملابسه المتسخة في منزله وإعادتها في اليوم الذي يليه. وكما يقال "المحنة تحمل في باطنها المنحة" بدأ القنطار في تسجيل يومياته عبر . وفي يوم نام واستيقظ ليجد نفسه مثار اهتمام العالم كله "لو بحثت عن أسمي في اليوم ال35 من انتظاري في المطار على جوجل ستجد أربع نتائج فقط، ثلاثة منهم من تغريداتي على تويتر." يضيف القنطار "في اليوم ال38 فلتت الأمور تماما، أصبح هناك 27 ألف نتيجة بحث عني، ونصف الأخبار كانت كاذبة." استمر الاهتمام الإعلامي نحو شهر ونصف حتى سمع بقضيته محام كندي وبدأ فريق من المتطوعين الكنديين في مساعدته، والعمل على إنهاء أوراقه ليحصل على حق اللجوء في كندا.

لكن أحيانا يكون الاهتمام الزائد غير مفيد "في فيديو عمله NAS Daily عمل 12 مليون مشاهدة في أول يومين."
بدأت السلطات الماليزية في التململ من وجوده في المطار مع كل هذا الاهتمام الإعلامي "لا أحد يحب الدعاية السيئة" كما يقول القنطار. وفي الأول من أكتوبر تشرين الأول الماضي، كان آخر ظهور إعلامي له في برنامج وبعدها مباشرة احتجزته السلطات الماليزية لمدة شهرين. "لم يكن لديهم خطة واضحة، كانوا في انتظار انتهاء الاجراءات الكندية."
Hassan Al Kontar in the house in Canada with his sponsor Lory Koper
حسان القنطار مع السيدة لوري كوبر التي تستضيفه في منزلها وتكفل طلب لجوئه لدى الحكومة الكندية Source: Supplied
جائت الأخبار السعيدة بعد 58 يوما من الاحتجاز في نهاية نوفمبر تشرين الثاني، ومنحت كندا وثيقة سفر لمرة واحدة للقنطار تقول إنه لاجئ لديها كانت كفيلة بتغيير كل شئ. أصبح يمكنه الصعود على متن أي طائرة للذهاب إلى كندا حيث ينتظره المتطوعون الذين عملوا على قضيته، لكنه مع ذلك ظل على حذره القديم وتجنب المطارات الأوروبية في الطريق إلى هناك. يعيش القنطار الآن مع السيدة التي قامت برعاية لجوئه إلى البلاد "أسكن في غرفة داخل منزلها، وهي ترفض حتى الآن أن أخرج لاستأجر مسكن خاص بي وتعتبرني واحد من أفراد عائلتها."   

استمعوا لقصة حسان القنطار على لسانه في الرابط الصوتي أعلاه 
استمعوا  المباشر لإذاعتنا و إذاعة BBC أيضا


شارك