لم يكن الأردني علي غرايبة يتخيل أن ينتهي به المطاف في أستراليا، حيث تنقل بين أكثر من بلد أثناء الشباب، لكنه لم يحط رحاله ويستقر إلا في سيدني قبل ثلاثين عاما.
وقال غرايبة في حديث له مع أس بي أس عربي24: "سافرت إلى الكويت للعمل بعد تخرجي من الولايات المتحدة في تخصص الهندسة الكيميائية عام 1986." وأضاف "أخذت قرار الهجرة عام 1991 بسبب حرب الخليج، حيث كنت أعمل في دولة الكويت في هذا الوقت، وقد تركتها مضطرا."
وقال "في هذا الوقت وبعد الحرب، كانت الحياة صعبة والفرص محدودة خاصة في الأردن. وقد حاولت العودة إلى أمريكا ولكن لم أستطع، وفجأة خطرت في بالي أستراليا."
بدأت فكرة الانتقال إلى أستراليا، البلاد الشاسعة المليئة بالأحلام والخيرات تروق إلى المهندس علي غرايبة: "سألت ابن عم لي عنها فشجعني، وبالفعل بدأت في جمع المعلومات عن الأمر سعيا للهجرة."وسارت الأمور مع غرايبة بشكل سلس للغاية، حتى أنه استغرب من مدى سهولة الأمر: "قدمت الطلب في السفارة الأسترالية والأوراق المطلوبة ودفعت الرسوم، وفي خلال ثمانية أشهر حصلت على تأشيرة الهجرة."
1986 Bachelor of chemical Engendering Graduation USA Source: Supplied
يتذكر غرايبة الأمر الآن، حيث قال إن الأمر كان "أشبه بمزحة"، حيث لم تستغرق معاملة الهجرة كلها أكثر من ثمانية أشهر. لكن الحصول على التأشيرة لم يكن الجزء الأصعب في رحلته: "كنت مغامرا وأعزبا، دون عمل، وسافرت إلى سيدني وأنا لا أعرف أي شخص فيها على الإطلاق، سوى أحد أخوال صديق لي، والذي استقبلني في أستراليا."
حط غرايبة رحاله في بلده الجديدة في شهر أبريل/نيسان من عام 1994: "كنت في تلك الأيام أشعر أني قد فقدت كل شيء، العمل في الكويت، ووضع البطالة في الأردن، والآن أنا فقط أحمل شهادتي وحلمي بحياة أفضل من أجل أن أساعد نفسي وأهلي في الأردن."كانت أستراليا لا تزال تعاني من الآثار الاقتصادية للركود الشديد الذي ضرب البلاد خلال 1990/19991. انعكس ذلك على فرص العمل المتاحة أمام غرايبة خاصة في تخصصه الدقيق في الهندسة الكيميائية.
Ali - Young 4 years old Source: Supplied
قضى غرايبة حوالي عامين دون عمل، وخلال تلك الفترة قدم على دراسة الماجيستير وشارك في البرامج الحكومية المعروفة باسم Work placement والتي تمنح الطلاب فرص العمل لفترات محددة من أجل الحصول على الخبرة العملية. وقال غرايبة "عملت في أكثر من وظيفة حتى حصلت على الماجيستير."
كان غرايبة يشعر بالإحباط حتى بعد انتهاء دراسته لأنه غير قادر على تأمين عمل، حتى عام 1996 عندما أمن وظيفة في شركة فيولا لمعالجة المياه في سيدني والتي يعمل بها حتى الآن. وحصل الدكتور غرايبة على درجة الدكتوراة أثناء عمله في الشركة في عام 2009، ويقوم حاليا بوظيفة مشرف على معامل التكرير ومعالجة المياه في الشركة.
حتى تمكن من الحصول على وظيفة في مجاله في أحد سدود مدينة سيدني. ورغم وصوله إلى أستراليا عام 1994، إلا أنه لم يشعر بالاستقرار إلا بعدها بسنوات وتحديدا عند زواجه: "شعرت بذلك بمجرد زواجي من زوجتي من الاردن، بدأنا نشق سويا حياتنا هنا. فلم أشعر بالاستقرار في استراليا إلا عندما تزوجت. كل شيء حدث كما الخيال."
اليوم يرى المهندس علي غرايبة أن مدينة سيدني التي أصبحت موطنه على مدار 30 عاما بدأت تتعقد تدريجيا اقتصاديا واجتماعيا خاصة في ظل تفشي وباء كورونا: "كانت سيدني في السابق أكثر بساطة وهدوءا".
ويعتبر غرايبة أستراليا الآن هي بلده وبلد أولاده، لكن الأردن لا يغيب عن خاطره: "الأردن عائلتي الكبيرة ووجداني، فلا يغيب عن الخاطر أبدا خاصة بلدتي إربد في شمال عمان."وقال غرايبة إن أبرز ما تعلمه هنا في أستراليا ويرغب في حمله إلى الأردن هو التحلي بالمسؤولية. أما ما يرغب في إحضاره من الأردن إلى أستراليا فهو الترابط العائلي والأسري القوي، حيث أن "الترابط العائلي هنا في أستراليا أصبح شبه معدوم."
Dr. ALi Gharybeh Source: Supplied
وأخيرا، ناشد غرايبة كل المهاجرين بعدم الاستسلام في بداية الطريق، فمهما كانت الأمور صعبة فإن الشخص يحصد في النهاية بمقدار ما بذله من مجهود