شعلة اولمبية ألهبت الرأي العام: هل انزلقت فرنسا في منعطف التحقير بحجة حرية التعبير؟

PARIS 2024 - Olympic Torch flame bearers during the last day

EDITORIAL USE ONLY - Olympic Torch flame bearer CEO of Arcelor Mittal Lakshmi Mittal pictured at Canal Saint Martin in Paris France on July 26 2024 as part of the Olympic torch relay in France, ahead of the Paris 2024 Olympic Games. Photo by Paris 2024/Maxime Le Pihif /SIPA PRESS/ABACAPRESS.COM. Source: ABACA / ABACA/PA

نجحت فرنسا في خلق جدلية واسعة، لا لأنها أبهرت العالم في افتتاح تاريخي للنسخة 33 من الألعاب الأولمبية على ضفاف نهر السين، بل لأنها ألهبت الرأي العام العالمي في المحاكاة الساخرة لما أوحى بلوحة "العشاء السرّي الأخير" لليوناردو دافنشي ما أثار غضباً عارماً بين أبناء الكنيسة الكاثوليكية، الأزهر الشريف وقياديي اليمين المتطرف، فيما اعتبر بمثابة حرب القرن الحادي والعشرين الثقافية عبر جبهات التواصل الاجتماعي، ما أجبر اللجنة الأولمبية الدولية بالاعتذار الرسمي والتأكيد ان ما قُدّم هو بمثابة تكريم للتعددية الثقافية التي تعكسها فرنسا. فرنسا التي تحمل الشعلة الأولمبية، هل انزلقت مجددًا في منعطف الإساءة الى المعتقدات بعد شارلي ابدو؟


تخلع فرنسا العلمانية ثوب مسيحتيها لتقف عارية من خصوصية تاريخها لتتمسك بتعدديتها، ولكنها في قلب هذه التعددية، وقفت في مواجهة شائكة بين تكريس حق التعبير بحرية عبر الفنون التي ترتقي بها الشعوب وتهميش مُكوِّن من نسيجها خدشت مشاعره الايمانية. ورغم أن 51% من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و59 عامًا في فرنسا الكبرى أعربوا عن انهم لا ينتمون لأي دين، الا ان هذا الواقع لا يبرر بالنسبة للرأي العام العالمي أي تعبير قد يحمل إساءة للمعتقدات الدينية.

 
ردّ المدير الفني للحفل توما جولي على الصحافيين حيال هذه الانتقادات التي طالت مشهديّة "العشاء السرّي" او ما اوحي به، موضحًا أن الهدف من اللوحة هو الاحتفال بالتنوع وتعزيز القيم الأساسية للديمقراطية الحرة في أوقات تصاعد الاستبداد في جميع أنحاء العالم قائلًا: "في فرنسا، الناس أحرار في أن يحبوا كيفما يشاؤون، أحرار في أن يحبوا من يريدون، أحرار في أن يؤمنوا أو لا يؤمنوا" مؤكدًا أن الهدف كان الشمولية وتسليط الضوء حول التنوّع.

شرح الصحافي والباحث روجيه اصفر الفائز بجائزة سمير قصير لحرّية الصحافة عام 2019، أن حرية التعبير المكفولة حقوقيًا لكل شخص تقف عند فاصل الحض على العنف قائلًا:

تخرج حرية التعبير عن اطارها عندما تتحول الى خطاب كراهية والحض على العنف
"كل تعميم سلبي على الافراد كما الجماعات وتكريس صور نمطية حول الآخر يخلق أرضية خصبة لممارسة العنف المعنوي او المادي".

أكد أصفر ان المادة الأولى من شرعة حقوق الانسان تكرس الحق المكتسب بالحريّة، ولكنها ترتقي به الى مفهوم الإخاء:

"يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء. وبذلك يمكن ان يشكّل هذا التعبير اساسًا لعدم جرح الآخر المختلف ليس فقط دينيًا".

وحول ما إذا كانت الضوابط القيمية او القانونية تقوّض هذه الحرية يقول أصفر:

" النصوص القانونية تمنع الحض على العنف وخطاب الكراهية ولكن هناك مخاوف من كيفية استخدام هذه النصوص".

ينظر أصفر الى فرنسا التي تحتفي بقيم العلمانية واحتضان التنوع والشمولية، ولكنه يرى ايضًا ان لها موقفها السلبي من الدين وذلك يعود لأسباب عدة موضحًا:

"لا يمكن القول ان احتضان التنوع في فرنسا يأتي على حساب شيطنة الأديان لأنه بذلك نحكم على النوايا وهناك جدلية عما إذا كانت اللوحة فعلًا تجسد العشاء السري ام لا ولكن المعيار الأول هو حقوق الانسان والتساوي بالكرامة بروح الإخاء".

فرنسا العلمانية التي تحتفي بالتعددية، هل رسخّت حقها بحرية التعبير ام التحقير ومن يرسم الحد الفاصل؟

الإجابة مع الصحافي والباحث روجيه اصفر في الملّف الصوتيّ أعلاه.


هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على

أكملوا الحوار على حساباتنا على و و

 

شارك