أثار قرار الحكومة الأسترالية الذي هددت فيه بسجن مواطنيها إن هم عادوا إلى وطنهم من الهند إدانات واسعة، إذ وصفت الجهات التي انتقدت هذا الإجراء بسبب تفشي كورونا بأنه "عنصري" ويشكل انتهاكا لحقوق الإنسان. ويواجه أي أسترالي يعود إلى بلاده من الهند اعتبارا من يوم الاثنين فرض غرامات مالية تصل إلى 66 الف دولار، أو السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات.
لكن رئيس الحكومة سكوت موريسون، رفض الاتهامات التي اعتبرت هذا القرار عنصريا، وقال "الجائحة لا تعرف الاعتبارات السياسية أو الإيديولوجية... لا يتعلق الأمر بالسياسة، هذا فيروس". لكن خبراء قانونيين وطبيين تساءلوا لماذا لم يتم فرض حظر مماثل على القادمين من الولايات المتحدة أو بريطانيا عندما بلغت الإصابات فيهما أوجها في السابق.
من جهته قال رئيس الجمعية الطبية الأسترالية الدكتور عمر خورشيد إنه كتب لرئيس الحكومة يطلب منه التخلي عن تلك التهديدات وطالب بإيجاد أماكن أكثر ملاءمة للحجر الصحي، وبأن تبدي أستراليا مشاعر أكثر إنسانية.
Australian Medical Association (AMA) President Omar Khorshid. Source: AAP
ويقول السيد غنيم فضول الذي عاد من لبنان مؤخرا ويمضي فترة الحجر الصحي الآن في فندق في ملبورن إن "العودة لم تكن سهلة، كان من المفترض أن أعود في شهر سبتمبر أيلول الماضي، لكن الرحلة ألغيت، ثم في شهر مارس أذار وأيضا تم إلغاء الرحلة لأن فيكتوريا فرضت حالة إغلاق حينها، والآن اتصلت بي شركة الإمارات وأعطوني مهلة عشرين ساعة لكي أتدبر الأمر وأحزم حقائبي وأغادر لبنان، وإلا فسوف يعطون المقعد لشخص آخر".
رئيس رئيس الحكومة سكوت موريسون سعى اليوم إلى تهدئة المخاوف حول هذه العقوبات، قائلا إن احتمال حصولها هو صفر.
قائدة حزب العمال في مجلس الشيوخ Penny Wong ردت على قول موريسون أن احتمال فرض تلك العقوبات هو صفر، قائلة "إذا كان الهدف من الإعلان عن ذلك هو الظهور بمظهر المتشدد في وسائل الاعلام، فها هو الأمر الأن ينفجر بوجه موريسون".
The leader of the Opposition in the Senate Penny Wong Source: AAP
وكرّر موريسون ما ذكره وزير الصحة غريغ هانت أمس من أن الأشخاص الذين سافروا من الهند إلى بلد آخر قبل 14 يوما لا يزال بإمكانهم العودة إلى أستراليا.
وكانت الحكومة قد تعرضت لانتقادات عديدة بسبب القرار، خاصة وأن إجراءات كهذه لم تُفرض على أي أستراليين من بلدان أخرى موبوءة، لغاية الآن.
لكن الحكومة دافعت عن سياستها الصارمة قائلة إنها تستند إلى إرشادات الصحة العامة، إذ قالت وزيرة الخارجية ماريز باين إن الحظر والعقوبات المتعلقة فيه، تم وضعها بموجب "قانون الأمن الحيوي بناء على نصيحة كبير الموظفين الطبيين".
غير أن كبير الموظفين الطبيين الدكتور بول كيللي بدا وكأنه يرد على تلك التصريحات، عندما أكد أن قرار فرض الحظر كان بناءً على نصيحة وزارته - لكن عقوبة السجن والغرامات الباهظة لم تكن توصيات مباشرة منه". وقال إن القرار النهائي بالنسبة لفرض عقوبات يعود للوزير.
Paul Kelly Source: SBS News
مجموعات حقوق الإنسان قالت إن قرار منع المواطنين الأستراليين من العودة إلى وطنهم، ينتهك اتفاقيات حقوق الإنسان ويظهر "تجاهلا وازدراءً مطلقا" لأولئك العالقين في الهند.
كما ووُصف قرار تعليق الرحلات الجوية من الهند بأنه عنصري وشديد القسوة.
زعيم المعارضة العمالية أنثوني ألبانيزي قال إن على الحكومة أن تبرر هذا القرار "الاستثنائي" بتهديد مواطنين أستراليين بالحبس وتساءل لماذا تم استهداف الهند، في الوقت الذي لم يُفرض فيه حظر مشابه عندما بلغت العدوى ذروتها في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا.
ويقول السيد غنيم فضول في حديثه مع SBS Arabic24 "إن الحكومة الأسترالية لن تترك مواطنيها في الخارج لفترة طويلة وسوف تحل هذه الأزمة قريبا، لكن لا شك أنه كان هناك بعض التقصير تجاه المواطنين الأستراليين في الخارج، فهناك سؤال يطرح: لماذا لم تتصل السفارة الأسترالية بالأستراليين الموجودين في لبنان مثلا وتستفسر عن أوضاعهم وتسألهم ما إذا كانوا يريدون العودة إلى أستراليا؟"
من جهته انتقد رئيس الوزراء الأسترالي الأسبق ملكوم ترنبول الحظر المفروض على السفر من الهند، وقال إن من واجب الحكومة أن تؤمن عودة آمنة للمواطنين الأستراليين إلى بلادهم. وقال إن على موريسون التخلي نهائيا عن التهديد "المرعب" بالسجن لأولئك الراغبين بالعودة.
Former prime minister Malcolm Turnbull in Sydney in January 2021. Source: AAP
وكان مسؤول سابق في الكركيت، وهو مايكل سلاتر، الذي يحاول العودة من الهند إلى أستراليا اتهم رئيس الوزراء بأن "يديه ملطخة بالدماء" بسبب هذا الحظر المثير للجدل.
لكن موريسون قال إن هذه الاتهامات "عبثية" موضحا أن الحظر يهدف لإعادة الأستراليين إلى البلاد بشكل آمن. وبرّر ذلك بالقول إن نسبة العدوى لدى الناس القادمين من الهند أعلى بكثير مما كانت عليه في موجات تفشي فيروس كورونا العالمية الأخرى.
استمعوا إلى اللقاء مع السيد غنيم في المدونة الصوتية في أعلى الصفحة.
