اتقانك للغة الإنجليزية لا يعني بأنك ستفهم العامية الأسترالية. اذ يعتبر الكثير من المهاجرين أن العامية الأسترالية بالنسبة لهم كانت بمثابة لغة جديدة في بعض المواقف. حيث لم يتمكنوا من فهم ما يعنيه الشخص المتحدث بها. حتى بالنسبة لمن اعتقدوا ان مستوى لغتهم الإنجليزية جيد جدا.
تقول السيدة ايمان الدسوقي: "هاجرت إلى أستراليا وكنت أعتقد بأنني أتقن القراءة والكتابة باللغة الإنجليزية. وبأنني لن أواجه أية مشاكل مع اللغة. ولكن اللهجة العامية كانت جديدة عليّ تماما".
ووافقت السيدة فاطمة شمس على هذا: "شكلت اللغة الأسترالية وطريقة نطق الكلمات لي صدمة، شعرت وكأنني ولأول مرة أسمع الإنجليزية في حياتي".
وأضاف عمرو عفيفي: " لم أتمكن من فهم ما كان يقال لي في المحادثة. وفي أحيان كثيرة عندما كان بعض الأستراليون يقومون بمناداتي باسمي، لم أجبهم لأنني لم أعرف ان كانوا يقصدونني أنا. طريقة نطقهم لاسمي كانت بعيدة جدا عما تعودت عليه".هذا عدا عن المهاجرين الذين قرروا تجنب الحديث تماما في الأماكن العامة حتى لا يتعرضوا لمواقف محرجة تماما كما كانت تفعل السيدة مالدا قارصلي: "لم أستطع فهم الكثير مما يقال، فبدأت بالتهرب من الحديث مع الأستراليين".
من اليمين إلى اليسار: السيدة علا علي والسيد ماري لبكي ضيوف بودكاست أستراليا بالعربي الموسم الثاني Source: Ola Aly and Mary Labaky
ورغم أن معظم الأستراليين لا يمانعون إعادة كلامهم لعدة مرات خصوصا للمهاجرين اذا طلب منهم ذلك، إلا أن بعض المهاجرين قد لا يشعرون بالراحة تجاه هذا الأمر.
تقول السيدة علا علي: "لا أستطيع أن أستمر في قول pardon me وexcuse me بعد ثلاث مرات. بعد المرة الثالثة أضطر لهز رأسي وأن أبقى صامتة ومبتسمة متمنية بأن لا يكون بين الكلام سؤال يحتاج إلى إجابة".
"الكسل في الكلام"
وفقًا للخبير اللغوي في جامعة ملبورن دين فرانكل فإن الأسترالية المحكية هي اللهجة التي تنبع أصواتها أو مخارج حروفها من الأنف، وتُخفى فيها حروف العلة أو يتم تغير طريقة نطقها تماما.
وبحسب فرانكل، بدأت هذه الطريقة في الكلام تتشكل عند متحدثي اللغة الإنجليزية الأوائل في أستراليا. ويقول ان هذا ينبع من وصول بعضهم لمرحلة الثمالة من شرب الكحول. فبالتالي، تؤثر على قدرتهم في سرعة تحريك عضلات الفم. وتوارثت الأجيال طريقة نطق الكلام هذه، ليستنتج فرانكل ان الأسترالي العادي يستخدم ثلثي قدرات عضلات الفم فقط عند الكلام.
"اختصار الكلمات"
يعتبر اختصار الكلمات جزءا أيضا من اللهجة العامية الأسترالية. وهي الظاهرة أو العادة التي تربك الكثير من المهاجرين إلى أستراليا. حتى أولئك الوافدين منهم من الدول الناطقة باللغة الإنجليزية. ويبدو أن هذه العادة الأسترالية بدأت تنتشر منذ القرن التاسع عشر بحسب بعض الأبحاث التي نشرت في هذا الموضوع. لذا أصبح اختصار الكلمات جزء لا يتجزأ من ثقافة اللغة الأسترالية ومازال ينمو مع الأجيال الحديثة في أستراليا.
ومن أحد أشكال اختصار الكلمة الأسترالية الشائع، تقصيرها ثم إضافة حرف "s" إلى آخرها. على سبيل المثال:
McDonalds | Maccas |
Morning Tea | Mornos |
أو حتى اضافة "ie" في نهاية الكلمة، مثل كلمة "سلفي – Selfie" التي اخترعها طالب أسترالي جامعي في عام 2002 واجتاحت بعدها أنحاء العالم، ليعتمدها قاموس أوكسفورد رسميا.
Postman | Postie |
Toasted Sandwich | Toastie |
Cigarette | Ciggie |
ولكسر رسميات الحديث أيضا يمكن إضافة حرف "o" في نهاية الكلمات.
Smoking Break | smoko |
Registration | Rego |
Aggressive | Agro |
وكان للسيد محمد الجوهري، مهندس كهربائي، تجربة فريدة مع الكلمات الأسترالية المختصرة.
"كنا في أحد اجتماعات العمل، وقُدم لنا تعليمات بالبدء بـ ” Discos" قبل انجاز المهمة الموكلة إلينا".
"كمهاجر أنحدر من أصول عربية،” Discos" بالنسبة لي تعني أماكن أو نوادي الرقص الليلية".
"صدمتي كانت كبيرة، وتساءلت.. لما علينا التوجه للديسكو قبل البدء بالعمل؟ فاض بي الصبر وسألت أحد زملائي، فقال لي انها كلمه مختصرة لـ disconnect switches”" أي فصل المفاتيح الكهربائية".
السيد محمد الجوهري ضيف بودكاست أستراليا بالعربي الموسم الثاني Source: Mohamed Elgohary
"التودد في الكلام"
من المعروف أن لدى كل بلد في العالم أسلوب فريد في التعامل مع اللغة، وأستراليا بالذات تقدم لك عبارات وكلمات عامية مميزة قد يكون استخدامها مختلف تماما عما كنت معتادا عليه. خاصة بالنسبة لشخص غير معتاد على المراوغة والملاعبة في الكلام.
يقول السيد سامح الجواد: "في أول أسبوع لي في العمل وفي لقاء مع مديري، قال لي ‘How is it going’. لما أعرف بماذا أجيب. هل سألني عن صحتي، عن أحوالي، العمل أو عما إذا كنت سعيدا أم لا. لم أعرف الجواب لسؤاله".
وعندما فهمت معناها لاحقا وبدأت باستخدامها مع الأخرين، فوجئت بجواب حيرني معناه ‘not too bad’. قمت بتحليلها في ذهني فوجدت أنها تعني ‘bad’ أو سيء والا كان ليقول لي انه جيد أو ‘good’. لما أعرف حينها ان كان عليّ أن أواسي أو أتعاطف مع كل من جاوبني بـ ‘not too bad’".
ولمهاجر قادم من ثقافة متحفظة بعض الشيء، وبعيدة عن استخدام كلمات التودد بين الغرباء أشد البعد، يمكن أن يشكل استخدام كلمات مثل: love و honey للحديث معك صدمة ثقافية في البداية.
تقول السيدة سارة محمد: "المرة الأولى التي سمعت فيها هذه الكلمات كانت من رجل. كنت بمفردي وشعرت بالخوف لأن تكون نوع من أنواع التحرش".
ومن جانبه قال عمرو: "أول مرة سمعتها من امرأة، اعتقدت بأنها وقعت في غرامي من النظرة الأولى".
وأضاف سامح: "سمعتها وكانت زوجتي بجانبي وبدأنا ننظر لبعضنا باستغراب في لحظة محرجة. ولكن عن نفسي أحببتها، أشعرتني بأنني جذاب".
وبالمقارنة بالدول التي تتحدث الإنجليزية مثل بريطانيا وأمريكا ونيوزيلندا وكندا؛ فإن اللغة الإنجليزية الأسترالية تعتبر الأقل رسمية والاكثر مرحا وتدين بالكثير من شخصيتها لتاريخها كمستعمرة بريطانية. بسبب الرغبة في تطوير تقليد لغوي مختلف عن "الوطن الأم".
ومن المعروف أن الشعب الأسترالي يهوى اختراع مصطلحات جديدة: على سبيل المثال، العبارة الأسترالية "Do the Harry" التي تعني الاختفاء.
ويحبون أيضا تجسيد الصور التشبيهية. إذ يعني التشبيه "mad as a cut snake" أن تكون غاضبًا جدًا أو مستاءً.وفي أستراليا يجب أن تعير انتباهك من المراوغة لإخفاء المعنى الحقيقي لما يعنيه وصف الكلمة. على سبيل المثال، يمكن أن يكون مصطلح ratbag الذي يعني شخصا بغيضا أو مكروه، بمثابة محبة أو إهانة، اعتمادًا على نغمة المتحدث وسياق المحادثة.
من اليمين إلى اليسار: السيدة صفاء سمعون والسيدة جورينا موريس ضيوف بودكاست أستراليا بالعربي الموسم الثاني Source: Safa Samoun and Georgina Maurice
ويمكن الاستماع الى الحلقة المرفقة بالصورة أعلاه لتستمع إلى طريقة نطقها في المحادثة.
وتميل اللغة الإنجليزية الأسترالية أيضًا إلى روح الدعابة حتى في الأماكن الرسمية مثل الاجتماعات الحكومية أو الظهور التلفزيوني.
لدرجة أن رئيس الوزراء الأسترالي يعترف بلقبه او اختصار اسمه رسميا كما أطلقه عليه الأستراليين: Scott Morrison – Scomo
ومن هذا التواضع يمكن أ تتوقع بأن الألقاب مثل "أستاذ، دكتور، حضرتك، سيدي، سيادتك، بروفيسور" وغيرها من الألقاب التي تحفظ المكانات الاجتماعية والعلمية والعملية في البلاد العربية، غير مستخدمة في استراليا والبعض منهم يستهجنها.تقول جورجينا موريس: "لا داعي هنا بأن ننادي شخصا بأبو فلان ولا سيد ولا مستر، هنا نتعامل مع الشخص اسم لأسم فقط".
من اليمين إلى اليسار: السيدة دعاء الشيخ والسيد سامح الجوادي Source: Duaa AlSheikh and Sameh Algawadi
وأضاف محمد: "كنت أشعر في البداية بالإحراج بأن أنادي مديري في العمل بجيمس فقط. لم أستطع في البداية حقا، أحتاج للقب قبل اسمه".
وكان لإيمان نظرة مختلفة: "أعجبت بهذه الطريقة جدا. لأن هذا برأي نوع من أنواع التواضع، لا يشعرون بأن قيمتهم الذاتية مرتبطة بلقب".
أما ماري لبكي فشعرت بأن هذه الطريقة فيها بعض من التقليل من شأن المساحة الخاصة للأفراد.
"بالنسبة لهم تعتبر هذه طريقة ودية للتعامل، ولكن لا تعجبني هذه الطريقة أعتبرها ودية مبتذلة. لأنه في بعض الأحيان أود أن أحترم مركزهم وسنهم بالإضافة إلى إبقاء حدود للعلاقة معهم".
اقرأ المزيد
دليلك لفهم حس الفكاهة الأسترالي
"أنا أفضل الأسلوب التقليدي الذي تعلمناه في ثقافتنا العربية وأحب الألقاب كثيرا. أحب أنا أنادي الرئيس برئيس الجمهورية السفير بسعادة السفير...".
وبما اننا نتحدث عن اللغة في هذه الحلقة، سأقدم لكم معلومة سريعة عن لغات الشعوب الأولى في أستراليا.
بالنسبة لهم، الأرض ولدت لغاتهم. واللغة والثقافة لا ينفصلان عن بعضهما البعض. اللغة أكثر من مجرد وسيلة للتواصل، فهي تميزهم وتلعب دورًا مركزيًا في إحساسهم بهويتهم.
ويوجد في أستراليا أكثر من 250 لغة أصلية و800 لهجة. كل لغة خاصة بمكان وأشخاص معينين. واليوم 90% من هذه اللغات تواجه خطر الانقراض.
شكر خاص لضيوف الحلقة والزملاء فارس حسن وريتشارد جارني.
اقرأ المزيد
دليلك لتعلم اللهجة الأسترالية العامية