بلا عمل أو دعم: كيف يواجه طالبو اللجوء أزمة كورونا وحدهم؟

على مدار ثلاث سنوات انتظر عبد الله اتخاذ قرار في طلب الاستئناف الذي قدمه ولكن دون جدوى

An asylum seeker on Manus Island before the facilities closed.

An asylum seeker - File image Source: AAP

تفشي وباء كورونا في أستراليا أدى إلى عواقب اقتصادية وخيمة شعر بها الجميع. الحكومة بدأت في تسريع إجراءات الدعم لتوفير حماية للمتضررين، حيث ستنفق إجمالا 320 مليار دولار على الحزم الاقتصادية المختلفة.

ولكن بالنسبة لطالبي اللجوء في أستراليا، فإنهم وحيدون في مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة، فمن ناحية خسر الكثيرون وظائفهم ومن ناحية أخرى لا يحث لهم الحصول على أي شكل من أشكال الدعم.

عبد الله* البالغ من العمر 47 عاما طالب لجوء من العراق يعيش في سيدني. وصل إلى أستراليا بالقارب عام 2013 وبعد قضاء ثلاثة شهور في مراكز الاحتجاز تم إطلاق سراحه وحصل على تأشيرة عبور مؤقتة أو Bridging Visa.
Visa denied
Source: SBS
كان عبد الله يتلقى دعما من السنترلينك حتى جاء دوره لمقابلة مسؤولي الهجرة عام 2017، حيث تم رفض طلب اللجوء الخاص به وقطعت الحكومة الدعم عنه. قدم استئنافا على قرار الوزارة ومن وقتها ما زال ينتظر البت في طلبه.

خلال السنوات الثلاثة الماضية عمل عبد الله لإعالة نفسه في مهنة النجارة، ولكن مع بدأ تفشي وباء كورونا بدأت الأعمال في غلق أبوابها: "آخر عمل استطعت الحصول عليه كان في 23 يناير كانون الثاني الماضي."

وقال عبد الله "منذ ذلك الحين لا أستطيع تحصيل أي عمل، كل الأعمال مقفلة."
هذا ليس حال عبد الله وحده، فالحكومة أخذت إجراءات صارمة لاحتواء تفشي وباء كورونا في البلاد، شمل إغلاق الكثير من الأعمال والمصالح التجارية، وخروج مئات الآلاف من الأستراليين من سوق العمل. ولكن على عكس هؤلاء، لن يحصل عبد الله على أي من أشكال الدعم التي أعلنت عنها الحكومة لمساعدة الناس في أستراليا على مواجهة الأزمة الاقتصادية.

وقال عبد الله "ذهبت إلى السنترلينك للاستفسار فقالوا إنني غير مستحق للدعم. أنا لا أريد الحصول على نقود، بل أريد الحصول على عمل لدفع الإيجار المستحق علي."

سارة دايل هي المحامية الرئيسية ومديرة خدمات استشارات اللاجئين وقضاياهم المعروفة باسم (RACS). دايل قالت إن موقف عبد الله ليس فريدا: "هناك حوالي ثلاثين ألف شخص يتم نظر طلبات لجوئهم في الوقت الراهن في أستراليا، ولا يمكن لأي منهم الحصول على دعم من السنترلينك أو أي من حزم الدعم التي أعلنت عنها الحكومة لمواجهة فيروس كورونا والمتاحة لباقي الناس في المجتمع الأسترالي."
The Asylum Seeker Resource Centre says the coronavirus pandemic is making it harder for the charity to provide support.
The Asylum Seeker Resource Centre says the coronavirus pandemic is making it harder for the charity to provide support. Source: Asylum Seeker Resource Centre
وقالت دايل إنه على الرغم من أن ظروف طالبي اللجوء معقدة ومختلفة إلا أن الحكومة لديها سياسة عامة للتعامل معهم: "من الواضح للغاية أن قرار الحكومة الرسمي هو عدم منح أي دعم مادي لهؤلاء الأشخاص أثناء عملية طلب اللجوء."

عبد الله ما زال لم يحصل على قرار بعد في طلبه بعد سبع سنوات كاملة من وصوله إلى أستراليا. ورغم عدم وجود أي معونات من السنترلينك لطالبي اللجوء إلا أن هناك إعانات يمكن الحصول عليها من وزارة الأمن الداخلي اسمها مدفوعات خدمات الدعم لحين البت في الطلب والمعروفة باسم SRSS.

لكن سارة دايل تقول إن تلك المدفوعات ليس من السهل الحصول عليها: "نسبة صغيرة من الناس هي المؤهلة للحصول على تلك المدفوعات، كما قلت فإن نسبة صغيرة للغاية هي من تحصل عليها."

وأضافت "لو أن ورقك موجود لدى المحكمة الفيدرالية أو أنك بانتظار البت في طلب الاستئناف الخاص بك أمام المحكمة بعد رفض طلبك المبدئي، فإنك غير مؤهل للحصول على تلك المدفوعات. وبالتالي طالبي اللجوء هؤلاء لا يمكنهم الحصول على أي شيء بغض النظر عن صعوبة موقفهم أو انتمائهم للفئات الأكثر عرضة للخطر."
لم تكن خيارات عبد الله في العمل كثيرة، فلغته الإنجليزية ضعيفة للغاية وبالتالي كان مضطرا للعمل لدى الشركات العربية: "الشغل كان صعبا وغير مستقر، أحيانا لا يعطيك يوم عمل متفق عليه، وأحيانا أخرى تعمل ولكن لا يعطيك مستحقاتك."

وأضاف "كنت اشتغل على الكاش، وكان أصحاب المصالح يرفضون التعامل ضمن من خلال أنظمة الدفع المراقبة من الضرائب." وقال "أنا رجل غريب، ولدي قضية منظورة أمام المحاكم، لذا كنت أخاف من المشاكل وأبتعد عنها."

سارة دايل قالت إن الكثير من طالبي اللجوء يعملون في الوظائف الأكثر تضررا من قرارات الإغلاق: "يعملون في المقاهي، ويقودون سيارات الأوبر، ويعملون في الصناعات التي تعرضت لأكثر ضرر من الإغلاق بسبب فيروس كورونا."

وبينما يعمل الكثيرون فإن آخرين يعتمدون على الجمعيات الخيرية: "هناك الكثيرون غير القادرين على العمل لأنهن أمهات عازبات أو لديهم مرض معين يحد من أو يمنعهم من العمل."
هذه الجمعيات تساعد الكثيرين بالفعل وبالتالي فهي غير قادرة على توفير المساعدة للمزيد من طالبي اللجوء. وقال عبد الله "الموظفة في سنترلينك منحتني رقم جمعية خيرية وعندما اتصلت بهم قالوا إنني لست من الفئات المعرضة للخطر ولم يتمكنوا من مساعدتي."

المحامية سارة دايل تشرح السبب في عدم تمكن تلك الجمعيات من تلبية كل الطلبات التي تصلها: "موازنة مدفوعات SRSS انخفضت من 140 مليون دولار إلى 56 مليون دولار، هذا فارق كبير يصل إلى 80 مليون دولار، والجمعيات الخيرية هي التي تحاول سد هذه الفجوة."

لكنها تؤكد "لكن في النهاية هذه هي مسؤولية الحكومة لدعم الناس الذين يعيشون في أستراليا بغض النظر عن التأشيرة التي يحملونها. الكثير من هؤلاء الناس ساهموا في الاقتصاد والصناعات المختلفة قبل أن تغلق بسبب الأزمة."

وأضافت "هؤلاء جيراننا وأصدقائنا ويجب أن نحرص على حصولهم على الدعم كأي شخص آخر في المجتمع."
Detention centre fence.
Detention centre fence. Source: AAP
الآن عبد الله ينظر إلى مستقبل غير واضح في أستراليا ما جعله يفكر في رحلته الطويلة التي بدأها بالقارب قبل سنوات: "لدي زوجة وطفلين، لم أراهم منذ سبع سنوات، أحد أبنائي كان عمره سنتين عندما غادرت. تخيل كم أصبح عمره الآن."

وقال "أحيانا أتمنى لو أن الحكومة قد ألقت القبض علينا ورحلتنا بمجرد وصولنا. لماذا جعلونا نقضي تلك السنوات في هذه الدائرة التي لا تنتهي من الإجراءات القضائية؟"

وحاولت SBS Arabic24 التواصل مع وزارة الأمن الداخلي للتعليق لكننا لم نحصل على جواب حتى وقت نشر هذا التقرير.

*رفض عبد الله الإفصاح عن اسمه بالكامل حتى لا يؤثر ذلك على سير قضيته المنظورة أمام المحكمة. 


شارك
نشر في: 9/04/2020 11:55am
آخر تحديث: 9/04/2020 1:08pm
By Abdallah Kamal