جحا: قصة عن العدالة

EPISODE_JUHA.jpg

جحا: قصة عن العدالة Credit: Grace Lee

جحا الأب يسافر مع ابنه إلى المدينة الكبيرة. وفي الطريق، يتعلمان درسًا مهمًا حول ماهو الصواب والخطأ. وفي مسيرهما نحو المدينة، يواجهان تحديات جديدة في كيفية العثور على الحقيقة، وتحويل الخطأ إلى صواب.


هذه القصة الملهمة لجحا، تأتينا من التراث السردي الغني لإحدى القصص العربية الكلاسيكية.

جحا الشخصية المعروفة والمحبوبة، يتمكن بذكائه وحكمته من أن يرفع من مستوى الناس العاديين ويقلل من حجم الناس الأقوياء ليضعهم في حيّز قدراتهم الطبيعية.

المضيف والراوي: أليس تشين.
مستشار القصة:علاء التميمي.
محرر القصة: مارسيل دورني.
الأداء الصوتي: علاء التميمي.

المنتج التنفيذي وتصميم الصوت والموسيقى: كيران رافلز.
LISTEN TO
ARABIC_STORYGLOBE_JUHA AND THE WATER BOWL.mp3 image

جحا: قصة عن العدالة

SBS Audio

25/10/202416:41

النص

كان يا مكان في قديم الزمان، كان هناك رجل يدعى جحا، يعيش في بلدة صغيرة مع زوجته وابنه الصغير.

رغم أن جحا لم يتلق تعليمًا عاليًا منذ صغره، إلا أن جميع من في بلدته كانوا يحترمونه، لأنه كان رجلًا أمينًا صادقًا في تعامله مع الآخرين.

كان جحا يعيش مع زوجته وابنه الصغير حياة هادئة، إلى أن شاء الله أن تتوفى زوجته ليبقى مع ابنه الصغير ويتولى تربيته ورعايته.

في يوم من الأيام، حضر فجأة رجل مهيب يرتدي ملابس فاخرة لزيارة منزل جحا.

حينها، طلب جحا من ابنه الذهاب للعب في فناء المنزل الخارجي ليتحدث مع الرجل على انفراد.

أمضى جحا حديثه مع الرجل الضيف وقتًا قصيرًا، ثم غادر الرجل المهيب المنزل.

نادى جحا ابنه الصغير وسأله:

"أتعرف من كان الرجل الزائر؟ ".

هز ابنه رأسه بالنفي.

فقال جحا: "إنه شخص ذو منصب هام يعمل لدى الحاكم، طلبنا للذهاب في رحلة".

فرد ابنه الصغير متسائلًا، وهل سنعود بعد ذلك إلى هنا سريعًا يا أبي؟

قال والده: "هذا سؤال جيد".

"في الحقيقة يا بُني طُلب مني التوجه إلى المدينة، حيث سأعمل هناك في وظيفة جديدة."

لقد أعطى الرجل المهيب جحا حمارًا ليحمل أغراضهم في رحلته التي ستبدأ غدًا.

ركب الصغير على ظهر الحمار وبدأت مسيرتهما، حيث وصلا على قرية صغيرة.

وأثناء مسيرهما، كان هناك جَمْعُ من الناس، وبمجرد مرور جحا وابنه نظروا إليهما باستغراب!

ورغم حرارة الجو، إلا أن الصبي الصغير زادت حرارته مرتبكًا من نظراتهم نحوه وهو يمتطي ظهر الحمار.

وبينما مرا ببعض الأشخاص خارج أحد المتاجر يشربون الشاي

سمع الصبي أحدهم يتمتم:

"انظر! يا له من طفل مدلل".

رد عليه الرجل الآخر: "صحيح، إنه يمتطي الحمار تاركًا والده يسير على قدميه ألا يشعر بالخجل".

تظاهر الصبي بأنه لم يسمعهما، لكن والده لاحظ انزعاجه.

سأله والده ""أترغب في المشي؟".

هز الصغير رأسه بالموفقة، وساعده جحا على النزول من ظهر الحمار.

بعد ذلك، استمرا في طريقهما حتى ويصلا إلى قرية أخرى، حيث يجلس رجلان ينفثان دخان الشيشة.

ونظرا نحو جحا وابنه باندهاش وقالا بتهكم: " هااااااا انظر إلى هذا الرجل وابنه، يمشيان تحت أشعة الشمس الحارة"

وقالا:

"هيه أنتما ما بالكما تسيران على رجليكما ولديكما حمار؟! "

ابتسم جحا بهدوء مستمرًا بالمشي، ولاحظ الحرج باديًا على وجهه ينظر أسفل قدميه

وقال، "ما رأيك أن أركب أنا على ظهر الحمار لفترة قصيرة، وسنرى ماذا سيحدث بعد ذلك؟".

وافق الصبي. وصعد جحا على ظهر الحمار، وبينما أخذ الشابان يصفقان ويصيحان بطريقة ساخرة بما يحدث أمامهما!

استمرا في طريقهما، ثم توقفا لتناول الطعام تحت شجرة. وبعد انتهائهما دخل جحا مع ابنه إلى قرية ثالثة. وبينما كانا يسيران بجانب النهر وجحا يركب الحمار، كان ابنه يسير على قدميه إذ مرت سيدتان كانتا تحملان السلال.

وسمع الصبي إحداهما تهمس للأخرى: "يا إلهي! ما أقسى قلب هذا الرجل سيعاقبه الله على قسوته

فردت الأخرى "صحيح"

وهمست قائلة: "الولد المسكين يسير على قدميه، ووالده يمتطي ظهر الحمار كالخليفة!".

رأى جحا ابنه يمسح عينيه.

ثم قال له: "تعال واركب معي، ثم رفعه ليركبا معًا ظهر الحمار."

وبعدما وصلا وسط قرية أخرى، كانت هناك ساحة صغيرة مفتوحة.

نظر الصبي الصغير حوله، وفكر للحظة أنهما سيجتازانها دون أن يشاهدهما أحد أو يعلق عليهما.

وتنفس الصبي الصعداء.

ولكن، عندما سارا بجانب رجل عجوز، وجداه يبصق بجانبهم مباشرة قائلًا بعصبية:

"أنتما لا تستحقان هذا الحيوان" ألا توجد بقلبكما رحمة، ليحملكما هذا الحمار المسكين وأنتما على ظهره.

سيعاقبكما الله على هذا التصرف."

أخذ الصبي الصغير يحدق بالرجل العجوز مستغربًا.

ثم قال جحا لابنه: "حسنًا. أعتقد أن هناك أمرًا واحدًا فقط بقي علينا لم نقم به."

نزل هو وابنه عن الحمار، ثم نزع سرج الحمار، وأعطاه لابنه ليحمله. فأخذ رجلي الحمار الأمامية تحت ذراعه اليسرى ورجليه الخلفيتين تحت اليمنى، ورفع الحمار على ظهره. ثم خرج الأب والابن والحمار ببطء من الساحة.

وبينما كانا يغادران القرية، سمع الصبي الصغير أصوات القرويين يسخرون وضحكاتهم من خلفهم.

وصاح أحدهم قائلًا: «يا إلهي، كم يوجد أغبياء في العالم!

وعندما غادرا القرية، أنزل جحا الحمار مرة أخرى، وأمسك الحَبل ليقوده إلى الأمام، حينها انفجر ابنه قائلاً:

"أبي، لماذا فعلت ذلك؟"

ندم الصبي على الفور على عدم احترامه لوالده. لكن جحا ابتسم لابنه قائلًا:

"اسمع يا بُني لقد كان هذا الحمار سعيدًا تمامًا بحملك وكل ما نملك."

ثم أردف قائلًا: "كنت وما زلت سعيدًا جدًا بالمشي. لكننا ارتكبنا خطأ اليوم. هل يمكنك أن تخبرني ما هو؟"

هز الصبي الصغير رأسه بالنفي

فقال والده: "لقد توقفنا عن فعل ما كنا نعرف أنه الصواب، وبدلاً من ذلك، حاولنا إرضاء الجميع."

وأضاف: «الآن، دعنا نُعيد هذا السرج إلى الحمار، وأنت تركب عليه مرة أخرى".

ومضيا في الطريق لبعض الوقت في صمت.

ثم قال الصبي: "أبي، ما العمل الذي ستقوم به في المدينة الجديدة؟"

ضحك جحا وقال: «حسنًا، طلبوا مني أن أكون قاضيًا هناك".

كانت المدينة التي ذهبا للعيش فيها كبيرة ومليئة بعشرات الأحياء. وكان منزلهما الجديد يقع في حي يضم عددًا من المتاجر والأكشاك، وتم تكليف جحا بتسوية النزاعات المحلية هناك.

في يومه الأول، انتظر جحا طوال الصباح في مكتبه مع المأمور، لكن لم يأت أحد لمكتبه.

"وسأل جحا المأمور: " ألا يوجد خلافات بين الناس هنا؟ "

فقال المأمور: "إنهم فقط يفتقدون القاضي القديم، لكنهم سيأتون عندما يحتاجون إليك حقًا".

وأضاف جحا متسائلًا: "ماذا يُطلق الناس على هنا؟"

تردد المأمور للحظة!

فطلب منه جحا أن يتكلم قائلًا: "أخبرني ماذا يطلقون علي."

"تمتم المأمور بقوله "يطلقون عليك أنك جاهل لا تعرف شيئًا عن العدالة والحكم".

ابتسم جحا وقال: "حسنًا إذن."

في تلك اللحظة، ظهر رجل كبير الحجم قوي البنية في الخارج، يجر رجلاً آخر معه ويتبعهم أشخاص يصرخون.

صاح أحدهما "أيها القاضي لقد سرقني هذا الرجل!"

"ثم ردد الرجل الآخر بقوله بل هو من سرقني!"

هدأ جحا جموع الحاضرين مع حاجبه، وطلب من الرجلين أن يرويا القصة.

الرجل الأكبر، كان جزارًا وادعى أن الرجل الأصغر طلب شراء اللحم، وبمجرد أن أدار الجزار ظهره، سرق بعض العملات الفضية من درج الجزار.

وقال لجحا: "عندما استدرت، وضعها في محفظته".

أصر الرجل الأصغر حجمًا، على أن العملات المعدنية تخصه، وأن الجزار هو من حاول السرقة من حقيبته.

سأل جحا "هل لمس الجزار تلك العملات المعدنية؟"

قال الرجل الأصغر: "لا لقد فتحت حقيبتي للدفع، وحاول الوصول إليها فأغلقتها. ثم أمسكني من رقبتي وسحبني إلى هنا".

قال جحا: “هل لازالت العملات المعدنية معك؟"

قال الرجل الأصغر حجمًا: «إنها هنا في حقيبتي".

قال جحا: "أرني إياها".

وسأله هل أنت جزار أيضًا؟".

قال الرجل الصغير: " لا، أنا مرشد سياحي".

قال جحا: " اممم فهمت".

أومأ برأسه، والتفت إلى المأمور بجانبه وطلب منه احضار وعاء من الماء.

في ذلك الوقت، كانت المحكمة ممتلئة تمامًا بالناس، وتسلل ابن جحا بين الحضور يشاهد ما سيحدث.

بدأ الناس يتهامسون بشك، من نتيجة كما سيحدث من جحا، وشعر الصبي الصغير بوخز رقبته من الحرج، ولكن بعد ذلك تذكر ما قاله والده سابقًا.

طلب جحا وضعُ العملات المعدنية من الحقيبة مباشرة في الوعاء، ففعل الرجل الأصغر ذلك.

رفع ابن جحا الصغير رأسه كباقي الحاضرين منتظرا ماذا سيحدث؟

مضت لحظات لم يحدث شيئا.

ولكن بعد حين، بدأت المياه تعلوها طبقة كالغمام.

وظهرت طبقة بيضاء ترتعش على سطح الماء.

لمس جحا الطبقة بخفة بإصبعه وتذوقه.

قال: «هذا دهن خروف".

وأردف قائلا: "إن هذه العملات المعدنية لُمست آخر مرة من جزار."

ضجت المحكمة في الهمس وصرخ المأمور طالبًا الهدوء من الحضور، وأعطى جحا تعليماته؛ أن تُعاد العملات إلى الجزار وأن يؤخذ السارق إلى السجن.

ونادى على الحشد قائلاً بثقة: "هل لدى أي شخص منكم شيئا من هذا القاضي الذي وصفتموه بالجاهل!؟"

نهاية القصة

Share