لو قابلت أي شخص من القطاع الزراعي في أستراليا لن تخرج التحديات التي تواجه هذا القطاع الرئيسي عن مشكلتين، هشاشة الأسواق والتغير المناخي. تملك أستراليا طقس متقلب، حيث يعتقد العلماء أن موجات الجفاف ستضرب البلاد بوتيرة أعلى، كما تملك مساحات شاسعة من الأراضي تحتاج إلى أيدي عاملة لزراعتها.
الدكتور صلاح سكرية يعتقد أن لديه الحل لهذه المشكلات المتجذرة في القطاع الزراعي الأسترالي. يقوم أستاذ الروبوتات والأنظمة الذكية في جامعة سيدني ببناء آلات ذكية يمكنها تقليل الهدر في المياه والبذور وتقليل إجهاد التربة. "الفكرة كلها هي كيفية استخدام الروبوتات والمجسات لمساعدة الفلاحين في زيادة إنتاجية أراضيهم بشكل صديق للبيئة" سكرية يشرح مشروعه البحثي.
هذه الآلات ستمكن المزارعين من زرع البذور بشكل دقيق دون نشرها على كامل مساحة الأرض، وتركيب أنظمة ري ذكية توفر في المياه بمعدلات تتجاوز النصف. كما يمكنهم جمع كل البيانات التي يحتاجونها من أجل زراعة أدق ورعاية الحيوانات بأيدي عاملة أقل. ويمكن أيضا تقليل استخدام المواد الكيميائية في الزراعة من خلال قيام تلك الآلات بنزع الحشائش الضارة.ولد سكرية في سيدني لأب أردني أتى إلى أستراليا عام 1969 وأم لبنانية. وأمضى حياته بالكامل في منطقة جرانفل – باراماتا. التحق سكرية بقسم الروبوتات في جامعة سيدني، وعمل في البحث العلمي في مجال روبوتات الأجهزة الزراعية لأكثر من عشرين عاما.
Dr Salah Sukkarieh (right) poses with one of his farmingbots Source: Supplied
"عندما نتحدث عن الروبوتات على أرض المزرعة، لا نقصد آلات ضخمة كالتي يستخدمها المزارعون الآن، ما نقصده آلات أصغر بكثير، ربما أكبر بمرتين أو ثلاثة من آلة جز العشب مثلا" يشرح سكرية المشروع الذي يعمل على تطويره بمعاونة فريق من الباحثين. أكد سكرية إنه يرغب في جعل تلك الآلات الذكية متاحة لكل المزارعين "الآلات صغيرة وخفيفة للغاية وتعمل ببطاريات وتوفر الطاقة ويمكنها العمل لأربع وعشرين ساعة في اليوم طوال أيام الأسبوع. هذه المواصفات ستقلل تلقائيا من تكلفة الروبوتات."أستراليا ليست غريبة على التقلبات المناخية الحادة، وما زالت الذاكرة الأسترالية تحمل ذكرى أسوأ موجتي جفاف شهدتهما البلاد منذ الفيدرالية. الأول والأسوأ شهد جفاف نهري دارلينج وموراي تماما في العام 1895. الموجة الثانية والتي جعلت المزارعين يدركون الحاجة لتطوير نماذج زراعية أكثر استدامة كانت بين عامي 1996 حتى منتصف 2010.
One of machine developed by Dr Sukkarieh and his team in action Source: Supplied
وقال سكرية "المشكلة التي نواجهها أنه بحلول عام ألفين وخمسين سيكون هناك عشرة مليارات شخص على الأرض، ولا يمكننا الاستمرار في الزراعة بنفس الطريقة التي نقوم بها الآن لأن هذا سيؤدي إلى تدمير البيئة."
رشحت ولاية نيو ساوث ويلز صلاح سكرية في القائمة النهائية لجائزة أسترالي العام أو "Australian of the year" والتي شملت أربعة مرشحين. وأُعلنت الجائزة الأسبوع الماضي بفوز الرياضي الأسترالي كورت فيرنيلي Kurt Fearnley.
سكرية قال إنه ليس التكريم الأول الذي يحصل عليه تقديرا للأثر الاجتماعي لأعماله لكنه الأرفع بلا شك " عندما تعرف الأسماء المرشحة لجائزة أسترالي العام وتقارن نفسك بهم تعرف لأي مدى هذا شرف وامتياز كبيرين."
لا يقتصر طموح صلاح سكرية على أستراليا فقط، بل يتمنى أن يمتد ليشمل الدول المحيطة والتي تعاني من صعوبات في توفير الأمن الغذائي "الناس هناك يجدون صعوبات كبيرة في الحصول على طعام وتوفير الأمن الغذائي لأنفسهم، بسبب عدم تلقيهم دعما كافيا في الزراعة".
رفض سكرية عروض من شركات صناعية كبرى لأن تلك الشركات تركز على المزارعين الكبار فقط "ما نرغب في فعله هو أن نجعل تكلفة الروبوت نفس تكلفة المكنسة الكهربائية مثلا، لتكون متاحة للمزارعين الكبار والصغار على حد سواء".
الاستماع لحديث الدكتور صلاح سكرية كاملا في الرابط أعلاه