استمرت الاربعاء عودة آلاف اللبنانيين إلى مناطقهم وبلداتهم في أنحاء مختلفة من البلاد بعد سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، وبعد أكثر من عام على مواجهة تطوّرت قبل شهرين الى حرب مفتوحة أسفرت عن مقتل الآلاف وتهجير مئات الآلاف وألحقت دمارا واسعا.
وسرت الهدنة التي أعلنها الرئيس الأميركي جو بايدن ليل الثلاثاء، اعتبارا من الرابعة فجرا (02,00 ت غ)، ويفترض أن تضع حدا لنزاع بدأ في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023 غداة اندلاع الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، إثر فتح حزب الله ما أسماها "جبهة إسناد" لغزة.
مع ساعات الصباح الأولى الأربعاء، شاهد صحافيون في وكالة فرانس برس أرتالا من السيارات والحافلات تنقل نازحين عائدين الى الجنوب والبقاع (شرق) والضاحية الجنوبية لبيروت.
في الضاحية، جال شبّان على دراجات نارية في الأحياء التي انتشرت فيها كوم من ركام مبانٍ مدمّرة، حاملين رايات حزب الله الصفراء ومردّدين هتافات مؤيدة له ولأمينه العام حسن نصرالله الذي اغتيل بضربة جوية في 27 أيلول/سبتمبر.
كما شهد الخط الساحلي بين بيروت والجنوب زحمة سير وسيارات وحافلات صغيرة محمّلة بفرش النوم وأكياس وحقائب وناس تتجّه جنوبا.
وبدت معالم الفرح على وجوه العائدين، ورفع بعضهم شارة النصر أو قبضاتهم احتفالا، وأطلق آخرون أبواق السيارات.
"صمود ونصر"
واعتبر حزب الله في بيان مساء الأربعاء أنه حقّق "النصر" على إسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، مشيرا الى أن إسرائيل لم تتمكّن من تحقيق أهدافها من الحرب.
وفي أول ردّ فعل رسمي بعد الإعلان عن الاتفاق الذي فاوض عليه لبنان الرسمي إسرائيل عبر الولايات المتحدة وفرنسا، جاء في بيان للحزب توجه فيه إلى جمهوره "كان النصر من الله تعالى حليف القضيّة الحقّة التي احتضنتموها وحملتموها عائدين إلى قراكم وبيوتكم بشموخ وعنفوان".
وأوضح أن مقاتليه "صمدوا" في مواجهة الجيش الإسرائيلي، و"لم تفلح محاولات القوات المعادية المتوغلة في احتلال والتثبيت في أي بلدة من بلدات" جنوب لبنان، "كما لم تفلح في إقامة منطقة عسكريّة وأمنية عازلة كما كان يأمل العدو، وكذلك لم تتمكن من إحباط إطلاق الصواريخ والمُسيّرات على الداخل المُحتل".
وبموجب بنود الاتفاق، بدأ الجيش اللبناني تعزيز وجوده في جنوب البلاد الذي يعدّ معقلا تقليديا لحزب الله.
من جهته، دعا الجيش الاسرائيلي السكان الى عدم الاقتراب من مواقعه في جنوب لبنان.
Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu attends a joint press conference with French President Emmanuel Macron in Jerusalem, Israel, on Tuesday, October24, 2023. Emmanuel Macron is traveling to Israel to show France’s solidarity with the country and further work on the release of hostages who are being held in Gaza. Photo by Christophe Ena/Pool/ABACAPRESS.COM. Source: ABACA / Pool/ABACA/PA/Alamy
وفي حين لم تنشر بنود الاتفاق رسميا، أفاد مسؤول أميركي فرانس برس بأنه ينصّ على انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجيا في غضون 60 يوما من الجنوب، وانسحاب حزب الله الى شمال نهر الليطاني، وعلى ان يخلي المناطق الواقعة جنوب النهر من أسلحته الثقيلة.
وبحسب الاتفاق، تتسلّم قوات الجيش والقوى الأمنية اللبنانية المواقع التي يسيطر عليها حاليا الجيش الإسرائيلي وحزب الله، على أن تنضمّ الولايات المتحدة وفرنسا إلى الآلية الثلاثية التي تم إنشاؤها بعد حرب عام 2006 بين الطرفين، للإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار. وتضم اللجنة حاليا إسرائيل ولبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل).
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنّ الاتفاق يتيح لجيشه "حرية التحرّك" في لبنان بحال خرق حزب الله بنوده، ويؤدي إلى "عزل" حركة حماس في قطاع غزة ويسمح لإسرائيل بـ"التركيز على التهديد الإيراني".
"شعور بأمان أكبر"
ووفق وزارة الصحة اللبنانية، قُتل في القصف الإسرائيلي والمواجهات منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023، 3823 شخصا على الأقل.
في الجانب الإسرائيلي، قُتل 82 عسكريا و47 مدنيا خلال 13 شهرا، وفق السلطات.
ولقي وقف النار ترحيبا دوليا خصوصا من أطراف مثل الصين والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وسط دعوات الى استغلال زخمه لتحقيق خرق مماثل في قطاع غزة.
وأكد مصدر قيادي في حماس الأربعاء أن الحركة "جاهزة" لإبرام اتفاق في حال كانت إسرائيل مستعدة لذلك.
People return home to Dahiyeh, greater Beirut, after the ceasefire came into force. A US-brokered ceasefire between Israel and Hezbollah came into effect at 4am local time on November 27, 2024. (Photo by Sally Hayden / SOPA Images/Sipa USA) Source: SIPA USA / Sally Hayden / SOPA Images/Sally Hayden / SOPA Images/Sipa USA
واندلعت الحرب في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 إثر هجوم غير مسبوق لحماس على إسرائيل تسبّب بمقتل 1207 أشخاص، بينهم رهائن قتِلوا أو ماتوا في الأسر. وكان 250 شخصا خطِفوا في الهجوم، لا يزال 97 منهم رهائن في غزة، بينهم 34 أعلن الجيش موتهم، وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى أرقام رسمية.
ومنذ ذلك الحين، تنفّذ إسرائيل هجوما عسكريا مدمرا على قطاع غزة خلّف ما لا يقل عن 44282 قتيلا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، وفق بيانات لوزارة الصحة التابعة لحماس تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.