رئيس الحكومة الانتقالية في سوريا يرى أن الوقت حان لـ"الاستقرار والهدوء" وضربات إسرائيلية تطال دمشق

أكد رئيس الحكومة الانتقالية في سوريا محمد البشير على أن الوقت قد حان لينعم مواطنوه بـ"الاستقرار والهدوء" فيما تواصلت الضربات الإسرائيلية على أهداف استراتيجية في دمشق.

A man stands at the podium in front of media microphones.

Mohammed al-Bashir will lead a caretaker government in Syria until March next year. Source: AFP, Getty / Omar Haj Kadour

شدّد رئيس الحكومة الانتقالية في سوريا محمد البشير على أن الوقت قد حان لينعم مواطنوه بـ"الاستقرار والهدوء"، وذلك بعيد تكليفه تولي هذه المسؤولية بعد يومين على إسقاط فصائل المعارضة المسلّحة الرئيس بشار الأسد الذي حكم البلاد لنحو ربع قرن.

وكلّفت هيئة تحرير الشام التي قادت الهجوم الذي أطاح بحكم الأسد، البشير الذي كان يرأس "حكومة الإنقاذ" في إدلب معقل فصائل المعارضة بشمال غرب البلاد، برئاسة حكومة تصريف الأعمال.
وقال البشير لقناة الجزيرة القطرية "الآن يعني حان الوقت بأن يشعر هذا الشعب بالاستقرار والهدوء"، وذلك بعد ساعات من تكليفه بتولي رئاسة الحكومة حتى الأول من آذار/مارس 2025.

وأتت هذه الخطوة في مسار المرحلة الانتقالية بعد أكثر من خمسة عقود على حكم آل الأسد في سوريا، في وقت واصلت إسرائيل تدمير منشآت عسكرية سورية.

وفي توجه مشابه، رأى أبو محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام الذي بات يستخدم اسمه الحقيقي أحمد الشرع، أن الشعب السوري "منهك" جراء النزاع، وأن البلاد لن تشهد "حربا أخرى".
APTOPIX Syria
Abu Mohammed al-Golani speaks at the Umayyad Mosque in Damascus Sunday Dec. 8, 2024. Golani, a former al-Qaida commander who cut ties with the group and says he embraces pluralism and religious tolerance, leads the biggest rebel faction and is poised to chart the country's future. He calls himself by his given name, Ahmad al-Sharaa, and not his nom de guerre. (AP Photo/Omar Albam) Source: AP / Omar Albam/AP
وقال "الناس منهكة من الحرب. لذا البلاد ليست مستعدة لحرب أخرى، وهي لن تنخرط في (حرب) أخرى"، وذلك في مقابلة مع شبكة سكاي نيوز البريطانية.

في الأثناء، أكد مسؤول روسي للمرة الأولى أن بلاده باتت تستضيف الأسد.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف خلال مقابلة أجرتها معه شبكة "ان بي سي" الأميركية، الى أن روسيا نقلت الأسد إلى أراضيها "بأكثر الطرق أمانا" مع انهيار حكومته في مواجهة فصائل المعارضة المسلّحة.

ضربات إسرائيلية

أعلن الجيش الإسرائيلي الثلاثاء أنه شنّ مئات الضربات خلال 48 ساعة على أهداف استراتيجية في سوريا.

وأشار إلى أن الأهداف شملت مواقع ترسو فيها "15 قطعة بحرية تابعة للبحرية السورية (...) وبطاريات صواريخ أرض جو (...) ومطارات سلاح الجو السوري والعشرات من أهداف مواقع الإنتاج".

وشدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس خلال زيارة لقاعدة بحرية في مدينة حيفا الشمالية على أن الجيش "عمل في سوريا في الأيام الأخيرة لضرب وتدمير القدرات الاستراتيجية التي تهدد دولة إسرائيل".
Israel boosts troop presence on Golan Heights amid developments in Syria
epaselect epa11768780 Israeli tanks at the security fence between Israel and Syria, near the Druze village of Majdal Shams, in the Israeli-annexed Golan Heights, 10 December 2024. Israel's military said that paratroopers' forces, joined by other troops, are conducting 'defense activities' to prevent 'any threat' and are deployed in key positions within the buffer zone. EPA/ATEF SAFADI Source: EPA / ATEF SAFADI/EPA
وحذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو القادة الجدد لسوريا من السير على خطى الأسد ومن السماح لإيران "بإعادة ترسيخ" وجودها في البلاد.

وقال نتانياهو في بيان عبر الفيديو من تل أبيب "إذا سمح هذا النظام لإيران بإعادة ترسيخ وجودها في سوريا، أو سمح بنقل أسلحة إيرانية أو أي أسلحة أخرى إلى حزب الله، أو إذا هاجمَنا، فسوف نرد بقوة، وسندفّعه ثمنا باهظا"، مضيفا "ما حلّ بالنظام السابق سيحل بهذا النظام".

ليلا، أعرب حزب الله اللبناني المدعوم من إيران والذي قاتل الى جانب قوات الأسد خلال النزاع، عن أمله في أن تكون سوريا بقيادتها الجديدة "في موقع الرافض للاحتلال الإسرائيلي".

وقال الحزب في بيان "نحن نأمل أن تستقر سوريا على خيارات أبنائها، وتحقق نهضتها، وأن تكون في موقع الرافض للاحتلال الإسرائيلي، مانعةً التدخلات الخارجية في شؤونها"، معتبرا أن الضربات التي شنّتها إسرائيل خلال اليومين الماضيين "عدوان خطير".

وكان المرصد السوري لحقوق الانسان أفاد بأن الغارات "دمّرت أهم المواقع العسكرية"، ولا سيما مستودعات أسلحة ومنشآت عسكرية وإدارة الحرب الإلكترونية في دمشق وحولها، ومركز البحوث العلمية في برزة الذي تقول الولايات المتحدة إنه مرتبط ببرنامج الأسلحة الكيميائية السوري، وسبق أن استُهدف في نيسان/أبريل 2018 بضربات أميركية وفرنسية وبريطانية.

والثلاثاء، شاهد مراسلو فرانس برس أبنية المركز الثلاثة وقد سوّيت بالأرض، بينما لا تزال النيران تتصاعد منها.
A torn portrait of a man wearing a suit is arranged on a marble floor.
Parts of Bashar al-Assad's palace were ransacked in recent days as rebel forces in Syria seized the capital from the longtime ruler, who fled the country to Russia. Source: Getty / Ali Haj Suleiman
تسيير أعمال الحكومة

وأتى تكليف البشير غداة لقاء بين الجولاني ورئيس الحكومة السابق محمد الجلالي "لتنسيق انتقال السلطة".

وحضّت الولايات المتحدة على دعم عملية سياسية "جامعة" في سوريا. وأكد وزير الخارجية أنتوني بلينكن أن "الشعب السوري سيقرر مستقبل" البلاد، مشددا على أنّ واشنطن "ستعترف وتدعم بشكل كامل الحكومة السورية المستقبلية التي ستنبثق عن هذه العملية".

وقبل الإعلان عن تعيين البشير، قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن إن الهيئة ينبغي أن تقرن بالأفعال "الرسائل الإيجابية" التي أرسلتها حتى الآن إلى الشعب السوري.

كما أعلنت قطر التي لم تطبّع علاقاتها مع حكومة الأسد رغم التقارب الذي حصل بين دمشق ودول عربية أخرى، "إنشاء أول قناة اتصال مع هيئة تحرير الشام"، التي قادت الهجوم الخاطف الذي شنّته فصائل المعارضة اعتبارا من 27 تشرين الثاني/نوفمبر انطلاقا من إدلب.
وسعت الهيئة (جبهة النصرة سابقا قبل إعلان فك ارتباطها بتنظيم القاعدة)، على تقديم صورة مغايرة عن تلك التي أدت الى إدراجها على قائمة المنظمات الإرهابية بمبادرة من مجلس الأمن.

ولا تزال هيئة تحرير الشام تعد تنظيما "إرهابيا" تحظره العديد من الحكومات الغربية التي أكد بعضها أنها ستحكم على أفعال الهيئة لا أقوالها.

في الأثناء، أفاد المرصد بأنّ تنظيم الدولة الإسلامية أعدم 54 عنصرا من القوات السورية أثناء فرارهم من منطقة السخنة في بادية حمص (وسط).

هضبة الجولان

بمجرد سقوط حكم الأسد، بدأت إسرائيل حملة من الضربات على مقدّرات عسكرية سورية، وتقدّم جيشها للسيطرة على المنطقة العازلة في هضبة الجولان التي سبق للدولة العبرية ضمّ أجزاء واسعة منها. وأكد وزير الخارجية جدعون ساعر أن التقدم يعود لـ"أسباب أمنية"، وقال إنه "خطوة محدودة وموقتة".

ودعا بيدرسن إلى وقف هذه الضربات. وقال في جنيف "من المقلق جدا رؤية تحركات وضربات إسرائيلية على الأراضي السورية. يجب أن يتوقف ذلك".
الى ذلك، نفى الجيش الإسرائيلي تقارير عن تقدم لدباباته داخل الأراضي السورية في اتجاه دمشق، مؤكدا أنها موجودة فقط في المنطقة العازلة.

ووصفت الأمم المتحدة هذا التوغّل بأنّه "انتهاك" لاتفاقية فضّ الاشتباك الموقعة بين إسرائيل وسوريا في العام 1974.

وندّدت طهران الحليفة لدمشق الثلاثاء بـ"الانتهاك الصارخ" للقانون، بعد إدانات مماثلة من عمان والرياض.

أما تركيا التي تدعم فصائل مسلّحة في سوريا، فندّدت بـ"العقلية الاحتلالية" لإسرائيل. وأكد رئيسها رجب طيب إردوغان رفض "تقسيم سوريا مجددا".

انتهاء البحث في صيدنايا

في الداخل، بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها في دمشق مع إعادة فتح المحال التجارية. ولكن بالنسبة لكثير من السوريين، تبقى الأولوية البحث عن أقرباء مفقودين جراء عقود من القمع.

وأشار صحافي في فرانس برس إلى أنّ متاجر المواد الغذائية والأسواق والصيدليات أعادت فتح أبوابها.
Daily life comes back to Damascus after the fall of Assad regime
Life is slightly returning to normal in Damascus, capital of Syria, after the fall of the Assad regime. Shopkeepers have begun to open their shops in the city's historical Al-Hamidiyeh Souq, in Damascus, Syria, on December 10, 2024. Photo by Ugur Yildirim/DIA Images/ABACAPRESS.COM. Source: ABACA / DIA Images/ABACA/PA
ومع تقدمها نحو دمشق، أطلقت الفصائل المسلحة سراح الآلاف من المعتقلين، لكن يُقدر أن ما زال هناك عشرات الآلاف من المفقودين الذين بدأت عائلاتهم البحث عنهم في السجون ومراكز الاحتجاز، ومن أبرزها سجن صيدنايا الواقع على مسافة نحو 30 كلم من دمشق.

وأعلن جهاز "الخوذ البيضاء" في وقت مبكر الثلاثاء "انتهاء عمليات البحث عن معتقلين محتملين في زنازين وسراديب سرية غير مكتشفة" داخل سجن صيدنايا "من دون العثور على أي زنازين وسراديب سرية لم تفتح بعد".

ومنذ بداية الاحتجاجات التي تحوّلت إلى نزاع مسلّح في العام 2011، توفي أكثر من 100 ألف شخص في السجون، وفق تقديرات للمرصد تعود الى العام 2022.

عفو

أكد الجولاني "لن نتوانى عن محاسبة المجرمين والقتلة وضباط الأمن والجيش المتورطين في تعذيب الشعب السوري"، متعهدا ملاحقة "مجرمي الحرب ونطلبهم من الدول التي فرّوا إليها حتى ينالوا جزاءهم العادل".

وعرض مكافآت لمن يقدم معلومات عن كبار الضباط "المتورطين في جرائم حرب".

وقال "لقد أكّدنا التزامنا بالتسامح مع من لم تتلطّخ أيديهم بدماء الشعب السوري، ومنحنا العفو لمن كان ضمن الخدمة الإلزامية"، مؤكّدا أنّ "دماء وحقوق" القتلى والمعتقلين الأبرياء "لن تُهدر أو تنسى".

وقُتل ما لا يقل عن 910 أشخاص، من بينهم 138 مدنيا، خلال الهجوم الخاطف الذي شنّته فصائل المعارضة في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، ونزح "ما بين 800 ألف إلى مليون" شخص، وفقا للأمم المتحدة.

للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على

أكملوا الحوار عبر حساباتنا على و

اشتركوا في لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.

شارك
نشر في: 11/12/2024 10:39am
المصدر: Reuters